ولم يحصل افاده وجودها من الجاعل لا يمكن الحكم عليها بأنها هي أو بأنها ممكنه وإن كان كونها هي أو كونها ممكنه من أحوالها السابقة على وجودها وصفات وجودها وقد علمت تقدم الماهية بحسب العقل على موجوديتها تقدم الموصوف على الصفة فقس عليها تقدم أحوالها الذاتية على أحوالها الوجودية واما في الخارج من اعتبار العقل فلا موصوف ولا صفه متميزا كل منهما عن صاحبه بل شئ واحد هو الوجود والموجود بما هو موجود ثم العقل بضرب من التعمل والتحليل يحكم بان بعض الموجود يقترن به معنى غير معنى الوجود والموجود ويتصف أحدهما بالاخر في العقل والعين على التعاكس لان اللائق بالعقل تقدم الماهية على الوجود لحصولها بكنهها فيه وعدم حصول الوجود بالكنه فيه كما مر واللائق بالخارج تقدم الوجود على الماهية إذ هو الواقع فيه بالذات فهو الأصل والماهية تتحد معه اتحادا بالعرض فهي العارض بهذا المعنى اللطيف الذي قد غفل عنه الجمهور.
والحاصل ان الحكم على ماهية ما بالامكان انما هو بحسب فرض العقل إياها مجرده عن الوجود أو مع قطع النظر عن انصباغها بنور الوجود واما باعتبار الخارج عن فرض العقل إياها كذلك فهي ضرورية بضرورة وجودها الناشئة عن الجاعل التام بالعرض وليست لها بحسب ذاتها صفه من الصفات لا ضرورة ولا امكان ولا غيرهما أصلا.
والفرق بين المعدوم الممكن والمعدوم الممتنع هو ان العقل بحسب الفحص يحكم بان المعدوم الممكن لو انقلب من الماهية التقديرية إلى ماهية حقيقية مستقلة كان الامكان من اعتبارات تلك الماهية بخلاف الماهية التقديرية الممتنعة فإنها وان صارت ماهية حقيقية مستقلة بحسب الفرض المستحيل لم ينفك طباعها عن الامتناع ولم يصلح الا إياه لا ان المعدوم بما هو معدوم موصوف بالامكان والامتناع كيف والمعدوم ليس بشئ فحينئذ من أين ماهية قبل جعل الوجود حتى يوضع أولوية الوجود أو شئ ما من الأشياء بالقياس إليها فاما (1) تجويز نفس كون الشئ مكون نفسه