كالبيع الصادر من غيره، ضرورة أن الانسان في أفعاله الصادرة منه، يلاحظ الجهات المختلفة من المصالح، ودفع المضار والمفاسد، ولا معنى لكون البيع مورد الطيب، ضرورة أنه كثيرا ما يقدم الانسان على المكروهات ويصبر عليها، لدفع الآلام الأخر، وجلب المصالح العالية، وليست الطيبة المترشحة من الطيب لذي المقدمة طيبا عرفا، وإلا فالمكره أيضا ذو طيب بالنسبة إلى تلك المعاملة التي بها ينجو من شر السيف الشاهر.
فبالجملة: لا تعدد في معنى الاختيار، ولو كان غير مختار فهو فاقد للقدرة التي هي الشرط في تحقق قصد حقيقة البيع، فيكون البيع فاسدا، لأجل الاخلال بهذا الشرط أو المقوم الذي مر ذكره.
ولو أريد من الاختيار معناه العرفي مقابل المكره، فهو قبال المضطر أيضا، فإنه أيضا يشتهي أن يصل إلى مرامه من غير التوصل إلى بيع داره.
ولو قيل: إنه يتأثر من عدم تحقق البيع.
قلنا: المكره أيضا يتأثر، لأنه يستلزم وقوعه في المهالك الكثيرة المتوعد عليها لو أخل بالشرط.
نعم، بطلانه التعبدي لا يستلزم ذلك، لخروجه من اختياره.
وبذلك يندفع كون اختيارية الاختيار شرطا، لأن ذاك الاختيار غير حاصل للمضطر، مع صحة بيعه بالضرورة.