وأما جعل إكراه الغير مانعا (1)، فقد فرغنا في الأصول عن عدم إمكان اعتباره في المسائل الاعتبارية، فيرجع إلى شرطية عدمه (2)، وعندئذ لنا أن نسأل الوالد المحقق - مد ظله -: بأن هذا الشرط يرجع إلى المشروط، فما هو المشروط؟ أي هل إرادة المبيع مشروطة، أو الطيب والرضا مشروط، أو اللفظ الذي ينشأ به مشروط؟
وبعبارة أخرى: أي شئ مشروط هذا الشرط؟
ولا جواب إلا بأن يقال: بأنه يستلزم الاخلال بشرط من شروطها الموجودة في أفق النفس وصقع الذهن.
وبعبارة أخرى: يشترط في صحة البيع أن لا يكون تحققه عن إكراه، فيرجع ذلك إلى أن العلة - وهي الإرادة المتعقبة بتحرك العضلات - غير حاصلة من إيعاد المكره، وهذا يرجع إلى اشتراط كون الإرادة معلولة النفس والمبادئ الخاصة، دون مطلق المبادئ التي منها إيعاد المكره، ودون الداعي من الفرار عنه.
ومعنى هذا بطلان عقد المضطر، لأنه أيضا معلول الإرادة المشتملة على المبادئ الخاصة، ومنها الداعي إلى الفرار من الضرر الذي يخاف عليه.
ومن هنا يعلم: أن الكراهة ليست مانعة، ولا عدمها شرطا، لوجودها في بيع المضطر أيضا.