اللزوم والجواز يعلمان من الخارج، ولا دلالة لها على حكم العقد وإن أوجبت الوفاء بمقتضاه قبل الفسخ (1).
وبعبارة أخرى: لا يعقل أن يكون الحكم حافظ موضوعه، فلا وجه للتمسك بها للزوم عدم فسخ العقد، فإذن يجب الوفاء به ما دام موجودا، وله أن يعدم موضوعه - وهو العقد - بالفسخ ونحوه.
قلنا: ظاهر الآية الكريمة وإطلاقها أنها توجب الوفاء، وفسخ العقد يعد خلافه عرفا، وليس وجوب حفظ العقد إلا حكم العقل بأنه إذا وجب الوفاء على الاطلاق، فلا بد من إبقائه، ولذلك يجب إبقاء الدار في الإجارة للمستأجر.
اللهم إلا أن يقال: بأن وجوب الوفاء بالعقد، غير حرمة نقض العهد وفسخ العقد، ولا يعقل استفادة الحكمين من الآية الكريمة، فهي تفيد الأول، أي إذا تحقق العقد يجب الوفاء به وإن جاز إعدامه، فعليه يشكل التمسك بها لصحة المعاطاة، لأن لزوم العقد وجوازه لا يعلم من قبلها، وإيجاب الوفاء وإن استلزم أحدهما وهو المطلوب، إلا أن الآية بعد ذلك تصير ناظرة إلى العقود المتنوعة باللزوم والجواز، وكون المعاطاة واحدة منها محل الكلام، ومورد النقض والابرام، فافهم.
لا يقال: إن المتبادر من وجوب الوفاء بالعقد هو القيام به، وعدم البناء على خلافه، دون الالتزام بالآثار، ولذا يستهجن استعمال وجوب الوفاء في سائر أسباب الملك، كالإرث ونحوه.