ولو قيل: بأن حرمة الامساك لا تستلزم وجوب الرد، لما تقرر في بحث الضد، بل الرد ضد ثالث، لأن التخلية من أضداد الامساك (1).
قلنا: نعم، إلا أن هذه المسألة ليست مرتبطة بذاك، لأن المطلوب يتم بفهم العرف والعقلاء من وجوب الرد وعليه حرمة الامساك، ولأجله استدل (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذيل صحيحة زيد الشحام - بعد قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):
ألا من كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها - بقوله: فإنه لا يحل... ولو كان مبنى المسألة ما أشير إليه تعود الشبهة إلى الرواية، كما لا يخفى.
أقول: لا شبهة في حكم المسألة إذا كانت ماهية الرد أعم من التخلية والايصال، ولو كانت أخص فوجوبه ممنوع، لأن اقتضاء المناسبة بين الحكم والموضوع ذلك، غير تام عرفا، لأجنبية التصرف عن ذلك، خصوصا بعد عدم مساعدة فهم العقلاء على إلزام الشرع القابض بالرد، ولا سيما في صورة الجهل، وخصوصا مع علم الدافع.
وصحيحة زيد الشحام لا تدل على وجوب الرد، لأن الأمر بالتأدية فيها ليس على إطلاقه، لأنه يجب التأدية إذا طلبه المؤتمن، وأما قبله فلا، فعليه يعلم: أن الرواية في مقام الزجر عن الخيانة بالأمانة، وأما أنه إذا طلبه فيجب عليه رده، فلا ينافي عدم وجوب الرد قبله المقصود في المقام، فتأمل تأملا تاما.
وإن شئت قلت: إن هاهنا مسألتين: