كان ما ذكره الشيخ حقا، لما كان الجواز هنا مخالفا لأصالة اللزوم وتخصيصا لها. مع أنه لا معنى لما ذكره مطلقا.
فالاستصحاب جار، إلا أنه ليس معارضا، لأن جريانه لغو، ولا أثر له، ضرورة أن التعبد بالجواز مع عدم تأثير الفسخ وإعدام الملكية به، مما لا يعقل، وجعل زوال الملكية من آثاره، أو جعل نفوذ الفسخ من آثاره - لئلا تلزم اللغوية - غير لازم، لأن ذلك فيما كان دليل بنحو كلي لغوا، فإنه حينئذ لا بد من وجود الأثر، بخلاف ما لو كان إطلاق دليل لغوا.
فهذا الاستصحاب مثل الاستصحاب المسببي، فإنه كما يكون جاريا بذاته، إلا أنه لما لا يكون له الأثر لا يجري، وكما لا معنى لدعوى: أنه لا يجري بذاته، لأنه لغو، كذلك لا معنى له هنا كما لا يخفى.
وما أفاده الأستاذ - مد ظله -: من مثبتية الأصل السببي بالنسبة إلى زوال الملكية، لتوسط اللازم العقلائي، غير تام، لأن جواز المعاطاة تعبدي، وهذا ليس من لوازمه العقلائية ذلك، بل لازمه العقلائي في محيط الشرع نفوذ الفسخ، فهو من لوازمه الشرعية.
نعم، استصحاب جواز العقد لا ينقح دليلا شرعيا حتى يرفع به الشك في المسبب، لأنه لم يسمع كبرى كلية شرعية على أن العقد إذا كان جائزا فالفسخ نافذ، نعم هي كبرى كلية عقلائية ممضاة في الشرع، فتأمل.
فبالجملة: جريان استصحاب الجواز، متقوم بفرض عدم جريان استصحاب الملكية، وهذا مما لا يمكن لأن يكون جاريا، لأنه بدون الفرض المذكور لغو. وهذا هو الذي يؤدي إلى عدم جريان الاستصحابات الموضوعية طرا، والتفصيل يطلب من تحريراتنا