ما دل عليه الدليل الشرعي المتضمن لصحته ونفوذه، وذلك لأن المعاطاة هي المعاملة التي حدثت حينما تشكلت معيشة الاجتماع بين الناس، فإنهم بعدما احتاجوا إلى التبادل بين لوازم حياتهم، توسلوا إلى المبادلة بين الأموال والمعاوضة عليها، ثم بعد ذلك أشكل الأمر عليهم، لجهات خارجة عن بحثنا، فتوجهوا إلى العروض والنقود، وجعلوها أثمانا فيها، واعتبروا ماهية البيع بارتكازهم.
وهذا الاعتبار إما عين اعتبار المعاوضة، كما قد عرفت عن المشهور، أو غيره، إلا أنه قريب منه كما هو المختار. والذي ترى في المجتمع البشري في جميع الأحيان والأعصار، وفي كافة البلاد والأمصار قديما وحديثا، ليس إلا المعاطاة حتى في المعاملات الخطيرة، وأما ثبت المعاملة في الدفاتر والمكاتيب، فهو ليس إلا سندا لها.
نعم، بين المتشرعة دارجت المعاملات العقدية، لما ذهب إليها فقهاؤهم من العصر الأول، فلا تغفل.
ولا ينبغي الخلط بين المقاولة والعقد اللفظي، وما تجدون في البلاد الراقية فهو منها أيضا، وليس بينهم تعارف العقود اللفظية.
وهكذا الخلط بين التعهدات على المعاملة، كما بين الدول، وبين العقد اللفظي، وما تسمع: من أن المتعارف في التجارات الكلية هي العقود اللفظية (1) باطل، بل هو منها، فنقل السببية من المعاطاة والأعمال الخارجية إلى الأقوال والألفاظ بخصوصها، يحتاج إلى دليل.