مدارس الحكومة فربى أجيالا من الناشئة مدة عشرين سنة انتقل فيها إلى عدة بلدان.
آثاره كان له شعر كثير وأكثره في المناسبات في الرثاء أو في التهاني وله في غير ذلك فقد كانت تجري بينه وبين أدباء عصره محاورات تشتمل على طرائف أدبية ولكن فقد أكثره ولم نجد منه الا القليل وله منظومة شعرية في مستحبات الفقه.
واليك قسما من نظمه في الدور الأخير من حياته.
اضطرته الحياة لان يقيم بعيدا عن أهله فعاش مدة من الزمن وحيدا يقاسي ألم الغربة وعناء البرد وقسوة الوحدة فأرسل لاحد أولاده هذه القصيدة التي يصف بها تلك الفترة:
القر في جيشه الجرار محتشد * والريح عاصفة والثلج مطرد ملء الوهاد وهاتيك الهضاب وفي * أعلى الجبال جبال ما لها عدد كيف التفت تراه أبيضا يققا * كأنه الطهر لم يرتب به أحد لم يبق كوخا ولا بيتا وزاوية * الا وراح لها يعلو ويضطهد كأنما هو جيش ظافر حنق * يحتل ما شاء وهو الغاضب الحرد قد حل فينا حلول السقم في دنف * عنه أحبته والاهل قد بعدوا ولا صديق يواسيه ويؤنسه * ولا ولي حميم لا ولا عضد ولا طبيب نطاسي يعالجه * علاج ذي مقة يشفى به العمد والليل من طوله كالدهر ليس له * من آخر ونهاري كله صرد ولا سبيل إلى دف ء أرد به * من ثورة البرد مهما رحت اجتهد لا فحم من حجر لا فحم من حطب * كلا الوقودين ممنوع ومفتقد مدثر بلحافي لا أفارقه * مزمل قابع في البيت منفرد لو لم أكن لصروف الدهر محتملا * وللخطوب لخان الصبر والجلد لكنني قط لم اضرع لنازله * ولا شكوت وان جل الذي أجد ما عدمت من الأقوام عاطفة * فالكل لي وزر والكل لي عضدد هي الحياة سعيد ذا وذاك بها * اضحى شقيا وقد قل الالى سعدوا أين الالى ملكوا الدنيا بأجعها * ورد هني وعيش كله رغد سرعان ما ارتحلوا عنها إلى حفر * وما أفادهم مال ولا ولد وقال بعنوان حامل شهادة:
كم حامل لشهادة ودماغه * صفر بغير حجى ولا أحلام بين العواطف والكمال وبينه * سد غدا في غاية الاحكام حسب الشهادة كل شئ فانثنى * وبنفسه حنق على الأيام وكجيبه عند الفضائل نفسه * في غاية الافلاس والاعدام أخلاقه مرذولة وحديثه * ينبو عن الاسماع والافهام وإذا يكون بمجلس مع غيره * فكانه صنم من الأصنام كالسلحفاة يمد فيه رأسه * وعن الكلام تراه في احجام وإذا تلكم قال: تلك شهادتي * في كل ناد تقتضي اكرامي وقال بعنوان اغتيال برنادوت وهو الوسيط الدولي الذي اغتاله اليهود سنة 1948:
حقنت دماء الماكرين اولي الغدر * وبالسر قد ناضلت عنهم وبالجهر مددتهم بالمال والجند والغذا * وأعتدة للحرب جلت عن الحصر ففي الهدنة الأولى حفظت حياتهم * وقد حلت بين العرب والفتح والنصر وكنت لهم مثل السموأل في الوفا * ومثل سنمار جزيت بلا وزر ولولاك كانت للمواضي نفوسهم * وأشلاؤهم للطير والوحش والنسر فكنت لهم يا برندوت دريئة * من الفتك والتنكيل والقتل والأسر قطعت المسافات الطوال لأجلهم * وما من ثواب ترتجيه ولا أجر تطير إلى لبنان طورا وتارة * إلى ارض عمان وطورا إلى مصر وفي القدس ضيفا نازلا كنت عندهم * تبلغهم ما ذا حملت من الامر أتيت ولم تضمر سوى الخير كله * لهم وهم لا يضمرون سوى الشر وقال:
ولرب قائلة وفي أحشائها * ما بعضه يأتي على الأحشاء العلم عندك ما تقول وانه * عند الآلي تدعو لأكبر داء تدعو إليه بملء ء فيك مجاهرا * أو ما تحاذر سطوة الزعماء تدعو إليه وضدك القوم الالى * هم ساسة الأقطار والارجاء سادوا ولكن لا بفضل مناقب * وعلا وحسن رعاية ووفاء بل جدهم والجهل فيك سما بهم * فخضعت طوع إشارة ونداء سل عنهم هل من نجيب فيهم * أو ماجد ذي غيرة وإباء هل من غيور تستجن به إذا * نابتك نائبة من الأسواء هيهات ما فيهم سوى متكبر * تقذى برؤيته عيون الرائي لو كان علم في البلاد لما غدت * نهبا تعيث بها يد الأهواء وقال:
حمى ورد خدك ان يقتطف * بصدغك عقربه المنعطف ونبال لحظك لم يتخذ * سوى القلب من غرض أو هدف وقرقف ثغرك من دونه * حياض المنية للمرتشف وفرعك إما دجى ليله * فصبح محياك يجلو السدف طويت هواك ولكنه * له الدمع ينشر إما ذرف تحور علي ولا ذنب لي * سوى انني بك صب كلف فمن لغليلي وما ان يبل * بغير جنى ريقه لو عطف وغيداء قد زرتها والرقيب * بميل الكرى طرفه منطرف فحييت إذ جئت قالت الا * تراعي الوشاة ولما تخف فقلت أتيت وما ساهر * هناك وذا الليل مرخى السجف وقد قادني الشوق قسرا إلى * حماك وما عنه لي منصرف وعز اصطباري فلا صبر لي * واني بكم لشديد الكلف فقالت وما ذا عسى ان يكون * وأنت الذي بالعفاف اتصف فقلت أجل غير أن الفؤاد * به ظما قاده للتلف فرحماك ان الغرام * على غير مغناك بي ما وقف فراضت فرحت وما ابتغيه * وبت المحكم في المرتشف انزه في حسنها ناظري * ومن خدها ورده اقتطف فتبسم عن مثل نور أقاح * وتفتر عن برد مرتصف وقائلة لي أين الالى * بهم كنت ذا منعة أو كنف وفيهم ربوعك مأهولة * وشمل السرور بهم مؤتلف فقلت نأوا في طلاب العلى * وحلوا العراق وارض النجف منازل تهوى قلوب الورى * إليها ويأوي العلى والشرف