وملكها منهم بنو صالح بن مرداس من بنى عمر بن كلاب ثم تلاشى ملكهم ورجعوا عنها إلى الاحياء وأقاموا بالفرات تحت خفارة هؤلاء الأمراء من طيئ (وأما ترتيب رياستهم) على العرب بالشأم والعراق منذ دولة بنى أيوب العادل والى هذا العهد وهو آخر ست وتسعين وسبعمائة فقد ذكرنا ذلك في دولة الترك ملوك مصر والشأم وذكرناهم واحدا بعد واحد على ترتيبهم وسنذكرهم ههنا على ذلك الترتيب فنقول كان الأمير لعهد بنى أيوب عيسى بن محمد بن ربيعة أيام العادل كما كان بعده حسام الدين مانع بن حارثة بمصر والشأم * وفى سنة ثلاثين وستمائة ولى عليهم بعده ابنه مهنأ ولما ارتجع قطز بن عصية بن فضل أحد ملوك الترك بمصر الشأم من أيدي التتر وهزمهم بعين جالوت أقطع سلمية لمهنا بن مانع وانتزعها من عمل المنصور بن قطفر بن شالعشاه صاحب حماة ولم أقف على تاريخ وفاة مهنا ثم ولى الظاهر على احياء العرب بالشأم عند ما استفحل ملك الترك وسار إلى دمشق لتشييع الخليفة الحاكم عم المستعصم إلى بغداد عيسى بن مهنا بن مانع وجزله الاقطاعات على حفظ السابلة وحبس ابن عمه زامل بن علي بن ربيعة من آل فضل على سعايته واغرامه ولم يزل بغير على أحياء العرب وصلحوا في أيامه لأنه خالف أباه في الشدة عليهم وهرب إليه سنقر الاسفر سنة تسع وسبعين وكاتبوا أنفا واستحثوه لملك الشأم وتوفى عيسى بن مهنا سنة أربع وثمانين فولى المنصور قلاون من بعده ابنه مهنا ثم سار الأشرف بن قلاون إلى الشأم ونزل حمص ووفد عليه مهنأ بن عيسى في جماعة من قومه فقبض عليه وعلى ابنه موسى واخوته محمد وفضل ابني مهنا وبعث بهم إلى مصر فحبسوا بها حتى أفرج عنهم العادل كنعا عند ما جلس على التخت سنة أربع وتسعين ورجع إلى امارته وكان له في أيام الناصر نصرة واستقامة وميلة إلى ملوك التتر بالعراق ولم يحضر شيئا من وقائع غازال ولما فر اسفر واقوش الافرم وأصحابهما سنة عشر وسبعمائة لحقوا به وساروا من عنده إلى خرشد واستوحش هو من السلطان وأقام في أحيائه منقبضا عن الوفادة ووفد أخوه فضل سنة ثنتي عشرة فرعا له حق وفادته وولاه على العرب مكان أخيه مهنا وبقي مهنأ مشردا ثم لحق سنة ست عشرة بخرشد ملك التتر فأكرمه وأقطعه بالعراق وهلك خرشد في تلك السنة فرجع مهنأ إلى أحيائه ووفد ابنه أحمد وموسى وأخوه محمد بن عيسى مستعتبين على الناصر ومتطارحين عليه فأكرم وفادتهم وأنزلهم بالقصر الأبلق وشملهم بالاحسان وأعتب مهنأ ورده إلى امارته واقطاعه وذلك سنة سبع عشرة وحج هذه السنة ابنه عيسى وأخوه محمد وجماعة من آل فضل في اثنى عشر ألف راحلة ثم رجع مهنأ إلى دينه في ممالاة التتر والاجلاء على الشأم واتصل ذلك
(٩)