المعز لينقضن طاعتهم وليحولن الدعوة إلى بنى عباس ويمحون اسم بنى عبيد من مناره ولج في ذلك وقطع أسماءهم من الطراز والرايات وبايع القائم أنا جعفر بن القادر من خلفاء بنى العباس وخاطبه ودعا له على منابره سنة سبع وثلاثين وبعث بالبيعة إلى بغداد ووصله أبو الفضل البغدادي وحظي من الخليفة بالتقليد والخلع وقرئ كتابه بجامع القيروان ونشرت الرايات السود وهدمت دار الإسماعيلية وبلغ الخبر إلى المستنصر معز الخليفة بالقاهرة والى الشيعة الرافضة من كتامة وصنائع الدولة فوجموا وطلع عليهم المقيم المقعد من ذلك وارتبكوا في أمرهم وكان أحياء هلال هؤلاء الاحياء من جشم والأثير وزغبة ورياح وربيعة وعدي في محلاتهم بالصعيد كما قدمناه وقد عم ضررهم وأحرق البلاد والدولة شررهم فأشار الوزير أبو محمد الحسن بن علي الياروزى باصطناعهم والتقدم لمشايخهم وتوليتهم أعمال إفريقية وتقليدهم أمرها و صنهاجة ليكونوا عند نصر الشيعة والسبب في الدفاع عن الدولة فان صدقت المخيلة في ظفرهم بالمعز وصنهاجة كانوا أولياء للدعوة وعمالا بتلك القاصية وارتفع عدوانهم من ساحة الخلافة وان كانت الأخرى فلها ما بعدها وأمر العرب البادية أسهل من أمر صنهاجة الملوك فتغلبوا على هدية وثورانه وقيل إن الذي أشار بذلك وفعله وأدخل العرب إلى إفريقية انما هو أبو القاسم الجرجاني وليس ذلك بصحيح فبعث المستنصر وزيره على هؤلاء الاحياء سنة احدى وأربعين وأرضخ لأمرائهم في العطاء ووصل عامتهم بعيرا ودينارا لكل واحد منهم وأباح لهم إجازة النيل وقال لهم قد أعطيتكم المغرب وملك المعز بن بلكين الصنهاجي العبد الآبق فلا تفتقرون وكتب الباروزي إلى المغرب اما بعد فقد أنفذنا إليكم خيولا فحولا وأرسلنا عليها رجالا كهولا ليقضى الله أمرا كان مفعولا فطمعت العرب إذ ذاك وأجازوا النيل إلى برقة ونزلوا بها وافتتحوا أمصارها واستباحوها وكتبوا لإخوانهم شرقي النيل يرغبونهم في البلاد فأجازوا إليهم بعد أن أعطوا لكل رأس دينارين فأخذ منهم أضعاف ما أخذوه وتقارعوا على البلاد فحصل لسليم الشرق ولهلال الغرب وخربوا المدينة الحمراء وأجد أبية واسمرا وسرت وأقامت لهب من سليم وأحلافها رواحة وناصرة وعمرة بأرض برقة وسارت قبائل دياب وعرف وزغب وجميع بطون هلال إلى إفريقية كالجراد المنتشر لا يمرون بشئ الا أتوا عليه حتى وصلوا إلى إفريقية سنة ثلاث وأربعين وكان أول من وصل إليهم أمير رياح موسى بن يحيى الصنبري فاستماله المعز واستدعاه واستخلصه لنفسه وأصهر إليه وقاومه في استدعاء العرب من قاصية وطنه للاستغلاظ على نواحي بنى عمه فاستنفر القرى وأتى عليهم فاستدعاهم فعاثوا في البلاد
(١٤)