وقام بالاسلام والملة غيرهم وصار الملك والامر في أيدي سواهم وجابت بضائع العلوم والصنائع إلى غير سوقهم فغلب أعاجم المشرق من الديلم وانسلخوا فيه والأكراد والعرب والترك على ملكه ودولته فلم يزل مناقلة فيهم إلى هذا العهد وغلب أعاجم المغرب من زناتة والبربر على أمره أيضا فلم تزل الدول تتناقل فيهم على ما نذكره بعد إلى هذا العهد وغلب أعاجم المغرب والبربر على أمره وانقرض أكثر الشعوب الذين كان لهم الملك من هؤلاء فلم يبق لهم ذكر وانتبذ بقية هذه الشعوب من هذه الطبقة بالقفار وأقاموا أحياء با دين لم يفارقوا الحلل ولا تركوا البداوة والخشونة فلم يتورطوا في مهلكة الترف ولا غرقوا في بحر النعيم ولا فقدوا في غيابات الأمصار والحضارة ولهذا أنشد شاعرهم فمن ترك الحضارة أعجبته * بأي رجال بادية ترانا وقال المتنبي يمدح سيف الدولة ويعرض يذكر العرب الذين أوقع بهم لما كثر عيثهم وفسادهم وكانوا يروعون الملوك بأن بدوا * وأن نبتت في الماء نبت الغلافق (1) فهاجوك أهدى في الفلا من نجومه * وأبدى بيوتا من أداحي النقانق (2) (وأقامت) هذه الاحياء في صحارى الجنوب من المغرب والمشرق بإفريقية ومصر والشأم والحجاز والعراق وكرمان كما كان سلفهم من ربيعة ومضر وكهلان في الجاهلية وعتوا وكثروا وانقرض الملك العربي الاسلامي وطرق الدول الهرم الذي هو شأنها واعتز بعض أهل هذا الجيل غربا وشرقا فاستعملتهم الدول وولوهم الامارة على أحيائهم وأقطعوهم في الضاحية والأمصار والتلول وأصبحوا جيلا لعالم ناشئا كثروا سائر أهله من العجم ولهم في تلك الامارة دول فاستحقوا أن تذكر أخبارهم وتلحق بالاحياء من العرب سلفهم ثم إن اللسان المضري الذي وقع به الاعجاز ونزل به القرآن فثوى فيهم وتبدل اعرابه فمالوا إلى العجمة وإن كانت الأوضاع في أصلها صحيحة واستحقوا أن يوصفوا بالعجمة من أجل الاعراب فلذلك قلنا فيهم العرب المستعجمة (فلنذكر الآن) بقية هؤلاء لشعوب من هذه الطبقة في المغرب والمشرق ونخص منهم أهل الاحياء الناجعة والاقدار النابهة ونلغي المندرجين في غيرهم ثم نرجع إلى ذكر المنتقلين من هذه الطبقة إلى إفريقية والمغرب فنستوعب أخبارهم لان العرب لم يكن المغرب لهم في الأيام السابقة بوطن وانما انتقل إليه في أواسط المائة الخامسة أفاريق من بنى هلال وسليم اختلطوا في الدول هنالك فكانت أخبارهم من أخبارها فلذلك استوعبتاها وأما آخر مواطن العرب فكانت
(٤)