ولم يراجع فيها تينملل حتى إذا انقضت بالفتح والاستيلاء على المغربين خرج إليها من تينملل وخرج تاشفين بعساكره يحاذيه في البسائط والناس يفرون منه إلى عبد المؤمن وهو ينقل في الجبال في سعة من الفواكه للأكل والحطب للدف ء إلى أن وصل إلى جبل غمارة واشتعلت نار الفتنة والغلا بالمعرب وأقشعت الرعايا من المغرب وألح الطاغية على المسلمين بالعدوة وهلك خلال ذلك علي بن يوسف أمير لمتونة ملك العدوتين سنة سبع وثلاثين وخمسمائة وولى أمرهم تاشفين ابنه وهو في غزاته هذه وقد أحيط به وحزن بعد أبيه على فتنة بنى لمتونة ومسوقة ففزع أمراء مسوقة مثل بدران بن محمد ويحيى بن ناكصتن ويحيى بن إسحاق المعروف بإنكار وكان والى تلمسان ولحقوا بعبد المؤمن إليهم من الجملة ودخلوا في دعوته ونبذ إليهم لمتونة العهد والى سائر مسوقة واستمر عبد المؤمن على حاله فنازل سبتة وامتنعت عليه وتولى كبر دفاعه عنها القاضي عياض الشهير الذكر كان رئيسها يومئذ بدينه وأبوته ومنصبه ولذلك سخطته الدولة آخر الأيام حتى مات مغربا عن سبتة بتادلا مستعملا في خطة القضاء بالبادية وتمادى عبد المؤمن في غزاته إلى جبال غياثه وبطوية فافتتحها ثم نزل ملوية فافتتح حصونها ثم تخطى إلى بلاد زناتة فاطاعته قبائل مديونة وكان بعث إليهم عساكر من الموحدين إلى نظر يوسف بن وانودين وابن مومو فخرج إليهم محمد بن يحيى بن فانو عامل تلمسان فيمن معه من عساكر لمتونة وزناتة فهزمهم الموحدون وقتل ابن فانو وانقض عسكر زناتة ورجعوا إلى بلادهم وولى ابن تاشفين على تلمسان أبا بكر بن مزدلي ووصل إلى عبد المؤمن بمكانه من الريف أبو بكر بن ماخوخ ويوسف بن بدر أمراء بنى مانو فبعث معهم ابن يغمور وابن وانودين في عسكر من الموحدين فأثخنوا في بلاد عبد الواد وبنى باجدى سبيا وأسرا وأمدهم عساكر لمتونة ومعهم الربرتير قائد الروم ونزلوا منداماس واجتمعت عليهم زناتة في بني بلومي وبنى عبد الواد وشيخهم حمامة بن مطهر وبنى نيكياس وبنى ورسفان وبنى توجين فأوقعوا في بني مانو واستنقذوا غنائمهم وقتل أبو بكر بن ماخوخ في ستمائة من قومه وتحصن الموحدون وابن وانودين بجبال سيرات ولحق تاشفين بن ماخوخ بعبد المؤمن صريحا على لمتونة وزناتة فارتحل معه إلى تلمسان ثم أجاز إلى سيرات وقصد محلة لتونة وزناتة فأوقع بهم ورجع إلى تلمسان فنزل ما بين الصخرتين من جبل بنى ورتيك ونزل تاشفين باصطفصف ووصل مدد صنهاجة من قبل يحيى بن عبد العزيز صاحب بجاية ينظر طاهر بن كباب من قواده أمدوا به تاشفين وقومه لعصبية الصنهاجية وفى يوم وصوله أشرف على معسكر الموحدين وكان يدل بأقوام فورا بلمتونة وأميرهم يتعودهم لمناجزة الموحدين وقال انما جئتكم أؤمنكم من صاحبكم عبد المؤمن
(٢٣٠)