أمرهم واطرحوا عبد الله بن ياسين واستصعبوا علمه وتركوا الاخذ عنه لما تجشموا فيه من مشاق التكليف فأعرض عنهم وترهب وتنسك معه يحيى بن عمر بن تلا كاكين من رؤساء لمتونة وأخذه أبو بكر فنبذوا عن الناس في ربوة يحيط بحر النيل من جهاتها ضحضاحا في المصيف وغمرا في الشتاء فتعود جزرا منقطعة فدخلوا في غياضها منفردين للعبادة وتسامع بهم من في قلبه مثقال حبة من خير فتسايلوا إليهم ودخلوا في دينهم وغيضتهم ولما كمل معهم ألف من الرجالات قال لهم شيخهم عبد الله بن ياسين ان ألفا لن تغلب من قلة وقد تعين علينا القيام بالحق والدعاء إليه وحمل الكافة عليه فاخرجوا بنا لذلك فخرجوا وقتلوا من استعصى عليهم من قبائل لمتونة وكثالة ومهمومة حتى أنابوا إلى الحق واستقاموا على الطريقة وأذن لهم في أخذ الصدقات من أموال المسلمين وسماهم بالمرابطين وجعل أمرهم في العرب إلى الأمير يحيى بن عمر فتخطوا الرمال الصحراوية إلى بلاد درعة وسجلماسة فأعطوهم صدقاتهم وانقلبوا ثم كتب إليهم وكاك اللمطي بما نال المسلمين فيما إليه من العسف والجور من بنى وانودين امراء سجلماسة من مغراوة وحرضهم على تغيير أمرهم فخرجوا من الصحراء سنة خمس وأربعين وأربعمائة في عدد ضخم ركبانا على المهارى أكثرهم وعمدوا إلى درعة لابل كانت هنا لك بالحمى وكانت تناهز خمسين ألفا ونحوها ونهض إليهم مسعود بن وانودين أمير مغراوة وصاحب سجلماسة ودرعة لمدافعتهم عنها وعن بلاده فتواقعوا وانهزم ابن وانودين وقتل واستلحم عسكره مع أموالهم واستلحمهم ودوابهم وابل الحمى التي كانت ببلد درعة وقصدوا سجلماسة فدخلوها غلابا وقتلوا من كان بها من أهل مغراوة وأصلحوا من أحوالها وغيروا المنكرات وأسقطوا المغارم والمكوس واقتضوا الصدقات واستعملوا عليها منهم وعادوا إلى صحرائهم فهلك يحيى بن عمر سنة سبع وأربعين وقدم مكانه أخاه أبا بكر وندب المرابطين إلى فتح المغرب فغزا بلاد السوس سنة ثمان وأربعين وافتتح ماسة وتارودانت سنة تسع وأربعين وفر أميرها لقوط بن يوسف بن علي المغراوي إلى تادلا واستضاف إلى بنى يفرن ملوكها وقتل معهم لقوط بن يوسف المغراوي صاحب غمات وتزوج امرأته زينب بنت اسحق النفزاوية وكانت مشهورة بالجمال والرياسة وكانت قبل لقوط عند يوسف بن علي بن عبد الرحمن بن وطاس وكان شيخا على وريكة وهي زوجة هيلانة في دولة امغارن في بلاد المصامدة وهم الشيوخ وتغلب بنو يفرن على وريكة وملكوا غمات فتزوج لقوط زينب هذه ثم تزوجها بعده أبو بكر بن عمر كما ذكرنا ثم دعا المرابطين إلى جهاد برغواطة بعضها سنة خمسين وقد أم المرابطين بعده سليمان ابن حروا ليرجعوا إليه في قضايا دينهم واستمر أبو بكر بن عمر في امارة قومه على جهادهم
(١٨٣)