العلوية وافترق أمر البرابرة واضطرمت الأندلس نارا وامتلأت جوانبها فتنة وأسرى الرؤساء من البرابرة ورجالات الدولة على النواحي والأمصار فملكوها وتحيزت صنهاجة إلى ناحية السرة فكانت ضواحيها لهم وحصل عليها استيلاؤهم وزاوى يومئذ عضد البرابرة فنزل غرناطة واتخذها دارا لملكته ومعتصما لقومه ثم وقع في نفسه سوء ثأر البربر بالأندلس أيام الفتنة وحذر مغبة الفعلة واستعاصت الدولة فاعتزم على الرحلة وآوى إلى سلطان قومه بالقيروان سنة عشر وأربعمائة بعد مغيبه عشرين سنة وأنزل على المعز بن باديس حافد أخيه بلكين أجل ما كانت دولتهم بأمر إفريقية وأترف وأوسع ملكا وأوفر عددا فلقيه المعز بأحسن أحوال البر والتجلة وأنزله أرفع المنازل من الدولة وقدمه على الأعمام والقرابة وأسكنه بقصره وأبرز الحرم للقائه فيقال انه لقيه من ذوات محارمه ألف امرأة لا تحل له واحدة منهن ووارى إبراهيم مع شلوه بجدثه وكان استخلف على عمله ابنه ونافظعن لأهل غرناطة فانتقضوا عليه وبعثوا عن حيوس ابن عمه ماكسن بن زيرى مكانه ببعض حصون عمله فبادر إليهم ونزل بغرناطة فانتقضوا عليه وبايعوه واستحدث بها ملكا وكان من أعظم ملوك الطوائف بالأندلس إلى أن هلك سنة تسع وعشرين وولى من بعده ابنه باديس بن حيوس ويلقب بالمظفر ولم يزل مقيما لدعوة آل حمود امراء مالقة بعد تخلفهم عن قرطبة سائر أيامه وزحف إليها العامري صاحب المرية سنة تسع وعشرين فلقيه باديس بظاهر غرناطة فهزمه وقتله وطالت أيامه ومد ملوك الطوائف أيديهم جميعا إلى مدده فكان ممن استمده محمد بن عبد الله البرزالي لما حاصره إسماعيل بن القاضي بن عباد بعساكر أبيه فأمده باديس بنفسه وقومه وصار إلى صريخه مع ابن بقية قائد إدريس بن حمود صاحب المالقة سنة احدى وثلاثين ورجعوا من طريقهم وطمع إسماعيل بن القاضي بن عباد مع صريخه فيهم فاتبعهم ولحق بباديس في قومه فاقتتلوا وفر عسكر إسماعيل وأسلموه فقتله صنهاجة وحمل رأسه إلى ابن حمود وكان القادر بن ذي النون صاحب طليلة أيضا يستدفع به وبقومه استطالة ابن عباد وأعوانه وباديس هذا هو الذي مصر غرناطة واختط قصبتها وشاد قصورها وشيد حصونها وآثاره في مبانيها ومصانعها باقية لهذا العهد واستولى على مالقة عند انقراض بنى حمود سنة تسع وأربعين وأضافها إلى عمله وهلك سنة سبع وستين وظهر أمر المرابطين بالمغرب واستفحل ملك يوسف بن تاشفين فولى من بعده حافده عبد الله بن بلكين بن باديس وتغلب المظفر وعقد لأخيه تميم على مالقة فاستقام أمرها إلى أن جاز يوسف بن تاشفين إلى العدوة أجاز له المعروفة كما نذكره في أخباره ونزل بغرناطة سنة ثلاث وثمانين فتقبض على عبد الله بن بلكين واستصفى
(١٨٠)