على الجزائر فنازلوها يومين فأعقبهما محمد بن سعمر صاحب تلمسان وولى يوسف بن تاشفين مكان أخيه تاشفين بن سعمر فنهض إلى أشير وافتتحها فقام المنصور في ركائبه ومعه كافة صنهاجة ومن العرب أحياء الأثبج وزغبة وربيعة وهم العقل من زناتة أمما كثيرة ونهض إلى غزو تلمسان سنة ست وسبعين في نحو عشرين ألفا ولقى اسطقسه وبعث العسكر في مقدمته وجاء على أثرهم وكان تاشفين قد أفرج من تلمسان وخرج إلى تسأله ولقيته عساكر المنصور فهزموه ولجأ إلى جبل الصخرة وعاثت عساكر المنصور في تلمسان فخرجت إليه وأكرم بوصلتها وأفرج عنهم صبيحة يومه وانكفأ راجعا إلى حضرته بالقلعة وأثخن بعدها في زناتة وشردهم بنواحي الزاب والمغرب الأوسط ورجع إلى بجاية وأثخن في نواحيها ودوخت عساكره قبائلها فساروا في جبالها المنيعة مثل بنى عمران وبنى تازروت والمنصورية والصهريج والناظور وحجر المعرق وقد كان اسلافه يرمون كثيرا عنها فتمتنع عليهم فاستقام أمره واستفحل ملكه وقدم عليه معز الدولة ابن صمارح من المرية فارا أمام المرابطين لما ملكوا الأندلس فنزل على المنصور وأقطعه بداس وأنزله بها وهلك سنة ثمان وتسعين فولى من بعده ابنه باديس فكان شديد البأس عظيم النظر فنكب عبد الكريم بن سليمان وزير أبيه لأول ولايته وخرج من القلعة إلى بجاية فنكب سهاما عامل بجاية وهلك قبل أن يستكمل سنة وولى من بعده أخوه العزيز وقد كان عزله عن الجزائر وغربه إلى حتحل فبعث عنه القائد علي بن حمدون فوصل وبايعوه وصالح زناتة وأصهر إلى ماخوخ فأنكحه ابنته وطال أمر ملكه وكانت أيامه هدنة وأمنا وكان العلماء يتناظرون في مجلسه ونازلت أساطيله جربة فنزلوا على حكمه وأخذوا بطاعته ونازل تونس وصالحه صاحبها أحمد بن عبد العزيز وأخذ بطاعته وكبس العرب في أيامه القلعة وهم غارون فاكتسحوا جميع ما وجدوه بظواهرها وعظم عيثهم وقاتلتهم الحامية فغلبوهم وأخرجوهم من البلد ثم ارتحل العرب وبلغ الخبر إلى العزيز فبعث ابنه يحيى وقائده علي بن حمدون من بجاية في عسكر وتعبية فصل إلى القلعة وسكن الأحوال وقد أمن العرب واستعتبوا فأعتبوا وانكفأ يحيى راجعا إلى بجاية في عسكره على عهد العزيز وهكذا كان وصول مهدى الموحدين إلى بجاية قافلا إلى المشرق سنة ثنتي عشرة وغير بها المنكر فسعى به عند العزيز وائتمر به فحرج إلى بنى وريا كل من صنهاجة كانوا ساكنين بوادي بجاية فأجاروه ونزل عليهم بملالة وأقام بها يدرس العلم وطلبه العزيز فمنعوه وقاتلوا دونه إلى أن رحل عنهم إلى المغرب وهلك العزيز سنة خمس عشرة وأربعمائة فولى من بعده ابنه يحيى وطالت أيامه مستضعفا مغلبا للنساء مولعا بالصيد على حين انقراض الدولة وذهاب الأيام بقبائل صنهاجة
(١٧٦)