بل على هذا المنوال الحال في جميع موارد التجوز مع القرينة المتصلة، مثلا:
في " رأيت أسدا يرمي " أو " في الحمام " يقع التعارض بين التجوز في الأسد عن الرجل الشجاع، والتجوز في الرمي عن إثارة التراب، والتجوز في الحمام عن الفلاة الحارة، ولابد من ملاحظة الترجيح والتعادل، لكن المرجح هو العرف.
وربما يقتضي كلام الشيخ في الاستبصار ملاحظة التعارض بين دليل واحد وجزء كلام من دليل آخر، حيث إنه روى في الاستبصار في باب أنه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة، عن الكليني بإسناده، عن أبي الصباح الكناني قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أرأيت لو أن رجلا أحرم في دبر صلاة غير مكتوبة أكان يجزئ؟ قال:
" نعم " (1) وروى عن الكليني بإسناده، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " لا يكون إحرام إلا في دبر صلاة مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم " (2) فحمل الرواية الثانية على كون الغرض أن الأفضل كون الإحرام عقيب الصلاة المفروضة، ثم استشهد بأن معاوية بن عمار الراوي للرواية الثانية روى بعد حكايته ما قال (عليه السلام): " وإن كانت نافلة صليت الركعتين " (3) نظرا إلى أنه لولا كون الغرض أن الأفضل كون الإحرام عقيب الفريضة للزم التناقض في حديث واحد.
لكنه خارج عما تقتضيه كلمات الفقهاء والأصوليين من اختصاص التعارض في اصطلاحهم بملاحظته بين الدليلين، أو بين كلامين من دليل واحد، أو بين جزءين من كلام واحد.
ومزيد الكلام في ذلك موكول إلى ما حررناه في الأصول.