لكنك خبير بأن عد الكشي ممن يدل سكوته عن فساد العقيدة على حسنها يظهر ضعفه بما تقدم، كما أن دلالة سكوت النجاشي ليست من قبيل دلالة سكوت غيره ممن يدل سكوته عن فساد العقيدة على حسنها لزيادة دلالته من جهة كون كتابه موضوعا لبيان الرجال الإماميين كما مر حكايته. وهذه الجهة هي العمدة.
ومع هذا فما يدور عليه الرحى في تشخيص أحوال الرواة غالبا هو كلمات الإماميين، والظاهر من سكوتهم (1) الإمامية، بل الغالب في الرواة الإمامية، فالإمامية هي الأصل، ففي موارد التوثيق ب " ثقة " يمكن أن يكون بناء الفقهاء على الإمامية بواسطة حمل المشكوك فيه على الغالب لا بتوسط " ثقة ".
لكن يخدشه أنه لم يثبت حال الغالب إلا بالسكوت، ففي موارد السكوت والتوثيق يدعي من يقول بتطرق الاصطلاح باستناد بناء الفقهاء على الإمامية إلى التوثيق، ولا مجال لاحتمال كون البناء مستندا إلى إلحاق المشكوك فيه بالغالب.
نعم، لو كان إمامية الغالب ثابتة بالتنصيص لكان ما ذكر متجها، مضافا إلى كون كتاب النجاشي موضوعا لبيان الإماميين فقط، كما توهم وقد تقدم، إلا أنه قد التزم أن يبين حسن الاعتقاد وفساده، وهو قد أهمل بيان الاعتقاد في غاية الكثرة، بل لم يتعرض لبيان الإمامية إلا نادرا، نعم يتعرض لبيان فساد العقيدة، بل كثير ممن لم يتعرض لبيان عقيدته من الإمامية، فلابد أن تكون طريقته جارية على عدم التعرض للإمامية، فسكوته ظاهر في حسن المذهب، وقد تقدم هذا المقال والمنوال من الاستدلال، فليس استفادة الإمامية من الفهرست بتوسط " ثقة " أيضا.
وبعد ما مر أقول: إنه لا إشكال ولا كلام من أحد في الحكم بحسن حديث الراوي وحسن مذهبه بمجرد ذكره مدحه في الفهرست مثلا، ولا إشكال في عدم دلالة ألفاظ المدح على الإمامية، فما يكفل مؤونة حسن المذهب في حسن الخبر