أنه لو كان المفهوم مستلزما للتناقض، فلا مجال للتمسك بالمنطوق؛ إذ يلزم من وجوده العدم.
وقد يجاب عن الإيراد المذكور بأن النسبة بين المتناقضين في المقام عموم وخصوص من وجه؛ لوجود المنطوق في رواية معلوم الفسق ومحتمل الفسق الذي لم يزكه عدل واحد - كما لو كان مجهول الحال بالمرة، أو زكاه فاسق أو مجهول الحال - ووجود المفهوم في إخبار العدل بغير العدالة كأصل الرواية، واجتماعهما في إخبار العدل بعدالة الراوي، فمقتضى المنطوق رد روايته ومقتضى المفهوم قبوله.
ويمكن دفعه بواحد من وجهين - كما هو الشأن في أمثاله -: إما بتخصيص العموم المنافي بالمفهوم، بأن يقال: يجب رد خبر كل فاسق أو يحتمل الفسق إلا من زكاه عدل واحد. أو بتخصيص العموم المفهومي بالمنطوق، بأن يقال: يجب قبول كل خبر عدل إلا إخباره بالعدالة.
إلا أن التخصيص الأول أرجح؛ لانطباقه مع الشهرة؛ لشهرة كفاية المزكي الواحد.
ومرجع الجواب إلى تسليم التناقض وترجيح المفهوم بالشهرة.
لكن نقول: إن ملاحظة التعادل والترجيح في التعارض بالعموم والخصوص من وجه بل مطلق التعارض إنما هي في التعارض بين الدليلين المنفصلين، أما الكلام الواحد فالتعارض بين منطوقه ومفهومه وترجيح أحدهما على الآخر فاقد النظير.
نعم، لابد من ملاحظة التعادل والترجيح أيضا في التعارض بين كلامين من دليل واحد، وكذا التعارض بين جزءي كلام واحد، كما في المخصصات المتصلة والمقيد المتصل، نحو: " أعتق رقبة مؤمنة " بناء على تحقق التعارض فيها، كما هو الأظهر على ما حررناه في الأصول.