[في الإيراد على الجواب بعشرة وجوه] أقول: إن الجواب المذكور دائر بين دفع الإشكال من جهة الاختلاف في معنى العدالة والاختلاف في اعتبار المروة فيها، والخلاف في كاشف العدالة، والخلاف في عدد الكبائر. وما يدفع به الإشكال من الجهة الأولى يدفع به الإشكال من سائر الجهات أيضا، فما دفع به الإشكال في سائر الجهات من باب مزيد الجواب.
وكيف كان يتطرق الإيراد على الجواب المذكور كما حررناه في الأصول بوجوه عشرة:
فأولا: بأنه لم يثبت كون " ثقة " في كلمات علماء الرجال مستعملة في العدالة بالمعنى المصطلح، كما هو مبنى صدر الجواب المذكور.
وثانيا: بأنه لم يثبت كون النجاشي - مثلا - عارفا بأحكام العدالة ومسائلها، حتى يتمكن من أخذ المرتبة العليا للعدالة.
وثالثا: بأنه كيف يتمكن النجاشي - مثلا - على تقدير كونه عارفا بمسائل العدالة من أخذ المرتبة العليا للعدالة وإن كان مقصوده من توثيقاته انتفاع عامة من تأخر، مع أن بعض الأقوال في الكبيرة قد حدثت في هذه الأعصار (1)، مع أنه من أين علم أن كتابه يصير مرجعا ومحل انتفاع عامة من تأخر حتى يأخذ بما يوجب النفع لهم، أي المرتبة العليا للعدالة.
ورابعا: بأن البناء في جميع الفنون على رسم الشخص معتقده في كتابه، ألا ترى أن متون الفقه بل متون الفنون بحذافيرها لا تزيد على مختار المصنف غالبا، والمقصود بها انتفاع الغير أيضا، فلا مجال للقول بلزوم أن يلغي من صنف في الرجال معتقده، ويجري على ما يوافق مذاق جميع من تأخر عنه.