الغرض أن الأفضل كون الإحرام عقيب الفريضة للزم التناقض في حديث واحد.
لكنه خارج عما تقتضيه كلمات الفقهاء والأصوليين من اختصاص التعارض في اصطلاحهم بملاحظته بين الدليلين، أو بين كلامين من دليل واحد، أو بين جزءين من كلام واحد.
ومزيد الكلام في ذلك موكول إلى ما حررناه في الأصول.
وأجاب سيدنا: بأن مفهوم آية النبأ عدم وجوب التبين عند إخبار من علمت عدالته، أو حصل الظن بها من أي شيء كان حصوله.
فالملحوظ عند ذكر الصفات في المحاورات إنما هو المعرفة العرفية، لا العلم القطعي؛ فالمتبادر من الفاسق من علم فسقه، وتعليق الحكم عليه يقتضي انتفاءه فيمن عرف عدم فسقه كذلك، ولا ريب في حصول المعرفة العرفية من أي شيء حصل؛ لبناء أهل العرف في معرفة الأشياء على الظن وعدم الاقتصار على العلم.
فمفاد الآية وجوب التبين عن خبر من عرفت عدالته علما أو ظنا.
ومرجع هذا الجواب إلى مع التناقض بدعوي شمول المفهوم دون المنطوق.
وقد يورد أيضا على الاستدلال المتقدم بأن مفهوم آية النبأ شامل للشهادة، ومنه استدلال الفقهاء بمنطوق الآية على رد شهادة الفاسق والمخالف. فالمقصود بالمفهوم قبول خبر العادل في الجملة المردد بين قبوله بالاستقلال، وقبوله بشرط انضمامه إلى خبر آخر، فلا إطلاق للمفهوم حتى يتمسك به في الباب، بل هذا الوجه يدل على عدم انتهاض الاستدلال بالمفهوم على حجية خبر العدل في الأحكام الشرعية.
ولو قيل: إنا نقول بإطلاق المفهوم، وكون الأصل والظاهر من المفهوم حجية خبر العدل مستقلا في حال الوحدة، غاية الأمر إنا نقول بخروج خبر الواحد في مقام الشهادة.
قلت: إنه لا مجال للقول بالخروج؛ إذ خبر الواحد في الشهادة لا يكون حجة