الواقعي كما هو المفروض أيضا، فالرواية المذكورة يجب ردها بحكم منطوق الآية، ويجب قبولها بحكم مفهومها؛ فيلزم التناقض في جهتي كلام واحد.
أقول: إنه بظاهره من قبيل الأكل من القفا، حيث إنه أولى باشتراط العدالة بتقريب ممانعة الفسق الواقعي، فلابد في انتفائها من العلم أو ما يقوم مقامه من البينة.
إلا أن يقال: إن إدراج مقدمة اشتراط العدالة بواسطة كفاية أصالة عدم المانع في البناء على انتفاء المانع، وعدم لزوم انتفاء المانع بالعلم أو ما يقوم مقامه.
لكن نقول: إنه بناء على أصالة العدالة حال الاشتراط كحال البينة، ولا يلزم العلم أو البينة، ويكفي الأصل، وأصالة العدالة مقدمة على أصالة عدم الشرط؛ لكونها من باب الوارد.
نعم، أصالة العدالة لا تتم على ما حررناه في محله، لكنه بنى على لزوم انتفاء الفسق بالعلم، قال: " وهو موقوف على العدالة " (1) نظير أن العلامة في المختلف حكم بعدم جواز الاقتداء في الصلاة إلا بعد العلم بالعدالة؛ تعليلا بأن الفسق مانع، فلا يخرج عن العهدة إلا بعد العلم بالعدالة (2).
فأخذ لزوم انتفاء الفسق بالعلم ينافي التدبير المذكور في باب إدراج اشتراط العدالة؛ إذ ربما يحصل العلم بعدالة الشخص مع كونه فاسقا، إلا أن يكون المقصود بالعلم هو الجزم المطابق للواقع، لكنه خارج عن المبحوث عنه في جميع المباحث، بل لا يتوقف العلم بانتفاء الفسق على العلم بالعدالة؛ إذ العلم بانتفاء الفسق عين العلم بالعدالة.
فكان المناسب لحاله الإيراد بممانعة الفسق ولزوم انتفائه بالعلم أو ما يقوم مقامه، مع أن العلم بانتفاء الفسق لا يتوقف على العدالة.