الرسائل الرجالية - أبي المعالي محمد بن محمد ابراهيم الكلباسي - ج ١ - الصفحة ٣١٦
وبعبارة أخرى: لا قبح عند العقل في حكم الشارع بوجوب قبول خبر الواحد في الأحكام الشرعية إذا عدله اثنان، وعدم جواز قبوله إن عدله واحد.
والقول المتداول من امتناع زيادة الفرع على الأصل مجرد كلام جرى على الألسن، لا مبنى له ولا عبرة به. ألا ترى (1) أن الولد فرع الوالد، وكثيرا ما يكون والد غير قابل [لأن] يكون له ولد جامع لمراتب الكمال.
وإن كان المقصود هو القياس بطريق أولى، كما يرشد إليه ذكر طريق الأولوية، ففيه - بعد تسليم الأولوية في غير ما نحن فيه، وتسليم حجية القياس المشار إليه ولو لم يكن الأمر من باب مفهوم الموافقة -: المنع عن الأولوية في المقام باعتبار أن الرواية لا تتوقف إلا على السماع، واحتمال الخطأ فيها أقل من احتمال الخطأ في التزكية، حيث إن العدالة وكون الشخص معتمدا عليه واقعا مما يعسر الاطلاع عليه، خصوصا مع رجحان الفسق لغلبته، فالظن الحاصل من التزكية أدنى من الظن الحاصل من الرواية. فلا بأس باعتبار التعدد في التزكية إتقانا وإحكاما في الباب، والاكتفاء بالواحد في الرواية.
وبوجه آخر: أن التوثيق بناء على كون المقصود به التزكية بالعدالة بالملكة لا مجال لابتنائه على العلم غالبا؛ إذ لا مجال للعلم بالملكة غالبا، فالتوثيق مبني على الظن. وأما الرواية فهي صادرة على العلم، فالمتعدد في التزكية لا يكون أقوى ظنا

1. يمكن أن يقال: إنه لا مبنى لهذا الاستشهاد، نظرا إلى أن المدار في امتناع زيادة الفرع على الأصل على امتناع زيادته عليه في حيثيته الفرعية لا مطلقا، ومن الظاهر أن جامعية الولد لمراتب الكمال لا ترتبط بحيثيته الفرعية، فإن منشأ الجامعية أمور منها: رجوع الولد إلى محال المراتب ومظانها ساعيا في تحصيلها وإكمالها، فجامعية الولد لمرتبة علم الفقه مثلا رجوعه إلى الفقهاء وكتبهم ساعيا في التحصيل والإكمال، ولا تزيد مرتبته عليهم ولا عن كتبهم في حيثيته الفرعية أيضا. نعم إن للولد فرعية من جهة حدوث الوجود، فلا يقدم عليه زمانا، وكذا من حيثيات أخرى لا تزيد عليه لا محالة، كيف لا!؟ وأن الزيادة تستلزم إما تأثير الأمر العدمي في الشيء الوجودي، أو تأثر الشيء الوجودي، عن الأمر العدمي، وكل منهما محال بالضرورة (أبو الهدى).
(٣١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 ... » »»
الفهرست