تنبيهات [التنبيه] الأول إن المحقق وإن جرى في المعارج على اعتبار العدلين في التزكية (1) لكنه لم يجر عليه في الفقه كما مر، بل أورد في المعتبر على القول بوجوب الاقتصار في الخبر على سليم السند بأن الكاذب قد يصدق، والفاسق قد يصيب، وأن ذلك قدح في علماء الشيعة؛ إذ لا مصنف إلا وهو يعمل بخبر المجروح كما يعمل بخبر المعدل (2).
وكل من الوجهين عجيب، إلا أن يكون الغرض منهما التمهيد لما ذكره - بعد نقل القول المذكور، والقول بجواز العمل بكل خبر، والقول باستحالة العمل بخبر الواحد عقلا ونقلا، والقول بجواز العمل بخبر الواحد عقلا لا نقلا - من قوله:
" والتوسط أصوب، فما قبله الأصحاب أو دلت القرائن على صحته عمل به، وما أعرض الأصحاب عنه أو شذ يجب إطراحه " (3) بكون الغرض عدم ممانعة الفسق عن جواز العمل بخبر الواحد لو كان منجبرا بالشهرة أو القرينة؛ لإمكان أن يصدق الكاذب، وقيام طريقة الفقهاء على العمل بخبر الفاسق لو كان منجبرا بالشهرة أو القرينة.
وربما نسب الشهيد الثاني في الدراية إلى الشيخ الطوسي العمل بأخبار ضعيفة (4). وهو في كمال البعد، إلا أن يكون غرورا من ذكر الشيخ في النهاية الأخبار الضعيفة، لكن الظاهر أن الغرض من النهاية مجرد إيراد الرواية، لا الاعتقاد بها، كما تكرر القول به من ابن إدريس، بل قال: " إن النهاية كتاب خبر لا كتاب فتوى " (5) وربما نسب إليه بعض في بعض المباحث أنه جرى على التخصيص بالخبر الضعيف.