أنه إذا كان أحدهما أكثر عددا أو أقوى عدالة يكون الظن معه. فلو كانت حجيتها مشروطة بالظن، لزم ترجيح ذلك؛ لوجود الشرط فيه وانتفائه في الآخر، فيكون هو الحجة من دون معارض.
فكذا غيرها من صور التعارض، فإن كثيرا منها لا يتم ما ذكره (1) فيها مع اشتراط الحجية بالظن، ولا فرق بين أفراد البينة. قال: ويؤيد ذلك كون الإقرار من مثبتات الحق كالبينة، ولا يعتبر فيه الظن إجماعا، وكذا الفتوى على الأقوى، مع أنه لا يعتبر في الشاهد علمه بالمشهود به، بل ولا الظن؛ لجواز بنائه على الاستصحاب، فكيف يعتبر حصول الظن لغيره!؟
وصريح الشهيد الثاني في بعض كلماته في المسالك يقتضي القول بذلك، حيث إنه أورد على ما حكى من العلامة - مما يدل على أن اعتبار العدالة في الشهادة لحصول المظنة - بأن الظن ليس بشرط، وإنما الشرط من نصبه الشارع دليلا، سواء ظن الحاكم صدقه أو لا (2).
إلا أنه مخالف لما تقدم منه.
وهو مقتضى ما صنعه المقدس، حيث أورد على احتمال حجية الاستفاضة - على تقدير كفاية الظن الغالب من الشهيد الثاني بملاحظة الأولوية كما تقدم - بأنه قد لا يحصل الظن من البينة ويعمل بمقتضاها، فليس المدار في الشهادة على الظن، وليس علة الحجية فيها هو الظن.
إلا أنه حكم بعد ذلك بأنه لا شك في أن الفسق (3) مانع من قبول الشهادة بالعقل والنقل، كتابا وسنة - وهي أخبار كثيرة جدا - وإجماعا، ولابد للحكم بقبول الشهادة من العلم الشرعي برفع المانع بديهة، وذلك لم يحصل إلا بالعلم أو الظن