وفي الكفاية حكى القول الأخير عن المشهور (1).
قال بعض الأعلام: إن هذا التعبير والتفصيل في الاختلاف إنما يليق إذا كانت حجية البينة لأجل المظنة، أو في صورة إفادتها كما لا يخفى على المتأمل.
ومثل تلك العبارات عبارات أخرى.
ولا يذهب عليك أن الظاهر - بل بلا إشكال - أنه على القول المذكور يطرد اشتراط الظن في سائر أقسام الشهادة، كرجل وامرأتين، وشاهد ويمين، وثلاثة رجال وامرأتين، ورجلين وأربع نسوة، والرجال والنساء ولو منفردات.
وصرح سيدنا بالقول الأخير، استنادا إلى إطلاق ما دل على قبول البينة، وعدم تقييدها بصورة إفادة الظن، ولو كان قبولها مشروطا به، لورد في الشرعية ما يدل عليه، وليس، بل ظاهر الأدلة عدمه.
ودعوى انصرافها إلى صورة حصول الظن ممنوعة، بل الظاهر العدم. فإن ظاهر قوله (عليه السلام): " البينة على المدعي، واليمين على من أنكر " (2) قبول البينة من المدعي، ولا ريب في عدم توقف صدقها عرفا على حصول الظن، ولا يسبق إلى الذهن منها أيضا ذلك، بل السابق إلى الذهن هو المعنى العام؛ فيدل على أن على المدعي إقامة البينة بالمعنى العام، ويلزمه قبولها منه. وكذا سائر الأخبار والآيات.
ويشهد به خلافهم في تعارض البينتين مع كون أحدهما أكثر عددا أو أقوى تأيدا.
وذهب الأكثر إلى ترجيح بينة الخارج على ما حكي عنهم (3) وجماعة إلى ترجيح بينة الداخل من دون ملاحظة الأعدلية والأكثرية في شيء من القولين (4)، مع