نظير ما أورد به على الاستدلال على حجية المرسل بحذف الواسطة - كما لو قال الفرع العدل في أعصار الغيبة: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " مثلا - بأنه يدل على جزم الفرع العدل بصدور الرواية، وهو يوجب لنا الظن بعدالة المحذوفة (1)، أو كونها محل الاعتماد المفيد للظن بصدقها، فالخبر يصير مظنون الصدور، فيجب قبوله من أن الاستناد وإن كان ظاهرا في كون الفرع العدل جازما بالصدور إلا أن المدار على الظاهر لو لم يكن في البين قرينة صارفة عن ذلك. والقرينة في أمثال المقام متحققة، وهي العلم بعدم إدراك الفرع العدل للمروي عنه، بل الظاهر من ذلك عدم جزم الفرع العدل؛ لكثرة استعمال أمثال ذلك في صورة عدم العلم.
بل يدل على ذلك تتبع العادات، ألا ترى أنه لو قيل في زماننا: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) " - كما يتفق للوعاظ في المنابر، والفقهاء في التدريس، وأرباب التواريخ - لم يفهم منه أن المخبر جازم بما أخبر به، بل الظاهر منه عدم تحقق الجزم.
لكن الإيراد المذكور لعل الظاهر منه إنكار ظهور المرسل بحذف الواسطة في ظن الفرع بالمخبر عنه، أي الظن بصدق الواسطة. والأظهر الظهور فيما ذكر، بل الظاهر ظهور الخبر في الإخبارات العرفية في الجزم، لكنه لا يمانع عن صدق استناده على الإخبار المستند إلى الظن أو الشك.
وإن قلت: إن مقتضى ما ذكرت - من عدم صدق الشهادة لو كان المتعاهد والمعلوم لكل من سمع الخبر واطلع عليه ظن المخبر وإن كان بصورة الجزم - عدم صدق الشهادة على الخبر لو علم السامع بكذب المخبر.
قلت: كلا وحاشا، أين هذا من ذاك؟ إذ المدار فيما ذكرناه ظهور كون الغرض إفادة الظن بحيث يعرفه كل من سمع الخبر، وأما لو علم السامع بكذب الخبر،