والمولود على الفطرة (1).
أقول: إن الأخبار المذكورة واردة في الموارد المذكورة في بيان أمور أخرى غير تفضيل حكم الطبيعة بحسب الأفراد، أعني اعتبار شهادة العدلين بحسب مواردها. مثلا: ما دل على اعتبار شهادة المملوك (2) إنما يكون الغرض منها عدم ممانعة المملوكية عن اعتبار الشهادة، ولا يكون المقصود منها اعتبار شهادة المملوك على الإطلاق، فلا يثبت بتلك الأخبار اعتبار شهادة العدلين في الموارد المذكورة. فمن أين يقضي الاستقراء باعتبار شهادة العدلين على الإطلاق؟
نعم، لو ثبت اعتبار شهادة العدلين في تلك الموارد على الإطلاق، يقضي الاستقراء باعتبار شهادة العدلين على الإطلاق.
وما اعتذر عنه المستدل - من اشتراط اعتبار الإطلاق بعدم الورود مورد حكم آخر - إنما يتم في عموم الحكمة، وأما عموم السريان في تعليق الحكم على الطبيعة - كما في المقام - فلا يشترط اعتبار الإطلاق فيه بذلك.
نعم، لو علم فيه بعدم ورود الإطلاق في بيان حكم الطبيعة، فلا عبرة بالإطلاق؛ لثبوت عدم تعلق الحكم بالطبيعة في هذا الفرض.
فيشترط الإطلاق في عموم السريان بعدم العلم بعدم كون الكلام منساقا لبيان حكم الطبيعة، ففي عموم الحكمة يكون المقتضي للعموم قاصرا عن إفادة العموم، ولا جابر للقصور، فلا يثبت العموم.
وأما عموم السريان، فينجبر قصور المقتضي فيه بأصالة الإطلاق فيثبت العموم.
ومرجعه إلى القول بكون عدم ورود الإطلاق مورد حكم آخر شرطا في عموم الحكمة، فلا يبنى على العموم في صورة الشك في ورود الإطلاق مورد الإجمال، ومانعا عن العموم في عموم السريان، فيبنى على العموم في الصورة المذكورة.