وربما يقتضي القول بالثاني ما قاله في القاموس من أن " ثقة نقة " من الاتباع (1)، وكذا ما نقله صاحب المعالم في حاشية الدراية نقلا عن جماعة من أهل اللغة، منهم ابن دريد في الجمهرة من أن من جملة الاتباع " ثقة نقة " وعن نفسه التوقف (2)، بل عليه جرى الفاضل الهندي في بعض الحواشي على قرب الإسناد.
والأظهر القول بالأول؛ لأنه المتراءى في النسخ، مع أنه لو كانت بالنون لكانت على زنة " عدة " ولم يوجد " ونق ينق "، وأما النقى فهو من نقي، اللهم إلا أن يكون الأمر مبنيا على حسبان كون " نقة " من نقي من باب الاشتباه. وهو غير بعيد.
وأما حديث الاتباع فلا يجدي في القول بالنون في الباب؛ لأن المقصود به إرداف المستعمل بالمهمل، وهو مقطوع العدم في المقام، بل في كلام سائر أرباب التصنيف والتأليف حتى من أتى بأقل قليل.
[هل يدل تكرار " ثقة " على زيادة العدالة أو لا؟] ثم إن التكرار بناء على اتحاد الصورة هل يدل على زيادة العدالة أو لا؟ صرح الشهيد الثاني بالأول (3)، لكنه عبر بزيادة المدح.
وهو كما ترى؛ لفرض دلالة الأولى على العدالة، إلا أن يكون المقصود بزيادة المدح هو زيادة العدالة إطلاقا للمدح على العدالة، كما في ترجمة إسماعيل بن جابر الجعفي حيث إنه ذكر الشيخ في الرجال نقلا " أنه ثقة ممدوح " (4).
أقول: إن الاستقراء يقتضي بعدم إرادة زيادة العدالة وعدم الدلالة عليها؛ حيث إن جمعا من أجلاء الرواة - نحو زرارة وأضرابه - لم يتكرر التوثيق في تراجمهم، بل جماعة من الموثقين بالمكرر من النجاشي قد ذكرهم ابن داوود في