منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١١١
في تعليقته على المتن وفي مبحثي القطع والطلب والإرادة باستحقاقه للعقاب بناء منه على أنه من تبعات البعد عن المولى الناشئ عن الخباثة المنتهية إلى أمر ذاتي، والذاتي لا يعلل. وقد عرفت في مباحث القطع ضعفه. نعم لا إشكال في عدم قبح مؤاخذة الجاهل المقصر، لعدم كونها عقابا على أمر غير مقدور مع تمكنه من تحصيل المعرفة بالحق، هذا كله في الأمور الاعتقادية التي يجب تحصيل المعرفة بها.
وأما ما لا يجب فيها إلا عقد القلب والالتزام، فالبحث عن وجوب المعرفة فيها ساقط، إذ الواجب هو الاعتقاد بالواقع على ما هو عليه، لا الاعتقاد عن معرفة حتى يجب تحصيلها ويبحث عن حكم الجاهل بها.
الثالثة: الظاهر أن أحكام الكفر من النجاسة وعدم التوارث وعدم جواز المناكحة وغيرها تترتب على الجاهل بالأصول الاعتقادية التي تجب المعرفة بها عقلا أو شرعا كمعرفة الباري جل وعلا والنبي و الوصي عليه الصلاة والسلام والمعاد، ضرورة أن أحكام الاسلام أنيطت بمعرفة هذه الأمور، فانتفاؤها يوجب الكفر، ومقتضى إطلاق أدلة تلك الأحكام عدم ترتبها على غير العارف المعترف بتلك الأمور الاعتقادية سواء أكان عارفا جاحدا أم جاهلا مقصرا أم قاصرا بسيطا ومركبا، لصدق عدم العارف المعترف على الجميع. قال المحقق الطوسي والعلامة (قد هما) في التجريد وشرحه: (والكفر عدم الايمان، اما مع الضد بأن يعتقد فساد ما هو شرط في الايمان، أو بدون الضد كالشاك الخالي من الاعتقاد الصحيح).
والحاصل: أن الجاهل القاصر وان لم يكن جاحدا محكوم بالكفر.
وفي المقام أبحاث كثيرة نافعة لكن التعرض لها ينافي وضع التعاليق.