منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٠٦
السلام على وجه صحيح، وهو كون الولاية كالنبوة منصبا إلهيا. وجعل من القسم الثاني ما علم ثبوته من الدين ومما جاء به سيد المرسلين صلى الله عليه وآله.
أقول: لعل وجه العدول ما نبه عليه بعض محققي المحشين (قده) من أنه إذا كان اللازم في الأمور الاعتقادية مجرد الالتزام النفساني و عقد القلب، واختص وجوب تحصيل العلم والمعرفة ببعضها كما هو صريح كلامه، فلا وجه لعد القسم الثاني مما يجب معرفته، لعدم دليل على وجوبه لا عقلا ولا نقلا، ومع نهوضه على وجوب تحصيل العلم بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله يعم كلا من الأمور الاعتقادية و الاحكام الفرعية، إذ الموجب لتحصيل العلم وهو عنوان مجيئه صلى الله عليه وآله به مشترك بين الكل، فلا وجه لتخصيص الوجوب بالبعض، ومن المعلوم أن نفي هذا الوجوب لا ينافي وجوب الالتزام بجميع ما جاء صلى الله عليه وآله به، لعدم التلازم بينهما، ضرورة إمكان الالتزام بشئ على ما هو عليه مع عدم العلم به تفصيلا، بل ولا إجمالا، كخصوصيات البرزخ والبعث وغيرهما. وأما وجوب الالتزام بذلك مع عدم العلم به، فلان مرجع عدمه إلى عدم الاقرار برسالته صلى الله عليه وآله وسلم فيما أرسل به، وهو ينافي الايمان.
وكيف كان، فتحقيق المقام يتوقف على التعرض إجمالا لأمور:
الأول: ما مرت الإشارة إليه من أنه لا تلازم بين وجوب الاعتقاد بشئ ووجوب معرفته، بداهة إمكان الالتزام النفساني بذلك على ما هو عليه في الواقع من دون توقفه على العلم به مطلقا حتى إجمالا، كما أنه يمكن العلم بشئ مع عدم الاعتقاد به، بل مع جحده والاعتقاد بخلافه، بشهادة قوله تعالى: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) كما أنه يمكن اجتماعهما، فالنسبة بينهما عموم من وجه.