منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ١٠٧
الثاني: أنه إذا شك في وجوب المعرفة أو الاعتقاد أو أحدهما أو في وجوب المعرفة التفصيلية بعد نهوض الدليل على وجوبها في الجملة، فأصل البراءة ينفى وجوب الجميع، لما فيه من الكلفة والمشقة.
الثالث: أنه نفي الريب والاشكال في كلمات جملة من الاعلام عن وجوب معرفة الله عز وجل وصفاته ومعرفة وسائط نعمه وآلائه من الأنبياء وأوصيائهم عليهم السلام، بل ادعي الاجماع عليه، لكنه غير ظاهر بعد استدلال غير واحد على وجوب المعرفة بأنه عقلي بمناط شكر المنعم، أو فطري بمناط دفع الضرر المحتمل.
وكيف كان، فلا ينبغي الارتياب في وجوب هذه المعارف بحيث لا مسرح لجريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان فيه، لان موردها عدم اهتمام الشارع بالتكليف في ظرف الجهل به، وأما معه بحيث يحكم العقل بمنجزية الاحتمال كحكمه بها في الشبهات البدوية قبل الفحص، فلا تجري فيه قاعدة القبح، والمقام مثله، لوجود هذا الحكم العقلي أو الفطري فيه. كما لا ينبغي الاشكال في عدم صحة الاستدلال على وجوب هذه المعارف بالأدلة السمعية كتابا وسنة، لتوقف صحته على حجيتهما عند الجاهل بهذه المعارف، وهي غير ثابتة، فينحصر دليل هذا الوجوب بالعقل أو الفطرة، فعلى القول بالتحسين والتقبيح العقليين كما عليه العدلية قد يقال بكون الوجوب عقليا، لان شكر المنعم ودفع الضرر المحتمل عن النفس واجبان عقلا، وهما منوطان بالمعرفة، ومقدمة الواجب واجبة، فوجوب المعرفة حينئذ غيري عقلي.
وعلى القول بعدم التحسين والتقبيح العقليين يكون وجوب المعرفة غيريا فطريا. هذا كله بناء على عدم كون المعرفة بنفسها شكرا.