منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٥٨٦
الاشكال أجنبي عن مقصود شيخنا الأعظم، لأنه مع التزامه (قده) بإناطة حكم العقل بما كان الملاك مبينا ومفصلا حكم هنا بالتخيير الاستمراري، لدعوى أن موضوع حكم العقل بالتخيير في الواقعة الأولى باق مع تمام خصوصياته في الوقائع المتأخرة، ولا زال العقل قاطعا بالتخيير، إذ لو كان مناط حكمه قبح الترجيح بلا مرجح لم يفرق في ذلك بين الحدوث والبقاء، وما أفاده المصنف من تطرق الاهمال في حكم العقل أيضا مبني على كون حكمه من باب القدر المتيقن الذي عرفت أنه لا عين ولا أثر له في كلام الشيخ (قده).
واستدل للتخيير الاستمراري - مضافا إلى ما أفاده الشيخ الأعظم من حكم العقل بالاستمرار - بإطلاق أدلة التخيير بناء على تنقيح المناط، وباستصحاب التخيير.
وكلاهما ممنوع. أما الأول فبما عرفت آنفا. وأما الثاني فبما أفاده الشيخ من عدم المجال له، لعدم الاهمال في حكم العقل. كما لا مجال له ان كان لاستصحاب التخيير الظاهري، لعدم إحراز بقاء الموضوع.
أقول: لا مجال لاستصحاب التخيير العقلي حتى مع الغض عما ذكره من عدم إحراز بقاء موضوعه، وذلك لفقد شرط جريانه وهو كون المستصحب بنفسه حكما شرعيا أو موضوعا له، والمفروض أنه حكم عقلي ليس مجرى للتعبد الاستصحابي، فتعليل عدم الجريان بهذا أولى مما أفاده الشيخ.
واستدل للتخيير البدوي بقاعدة الاحتياط واستصحاب الحكم المختار واستلزام جواز العدول للمخالفة القطعية. ومنع شيخنا الأعظم (قده) الأول لعدم الموضوع وهو الشك، إذ الحاكم بالتخيير هو العقل الذي لا يتحير في حكمه.