منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٥٨٢
مع العلم الوجداني بانتقاض الحالة السابقة في أحدهما، لقيام الاستصحاب مقام القطع في الجهة الثالثة وهي الاعتقاد، قال مقرر بحثه الشريف في ضمن كلامه:
(وان شئت قلت: ان البناء على مؤدى الاستصحابين ينافي الموافقة الالتزامية فان التدين والتصديق بأن لله تعالى في هذه الواقعة حكما إلزاميا إما الوجوب أو الحرمة لا يجتمع مع البناء على عدم الوجوب والحرمة واقعا).
وأما الثاني وهو إشكال مناقضة الصدر والذيل، فقد تقدم توضيحه في بحث الموافقة الالتزامية، فراجع.
وأما الثالث، فتقريبه: أن التعبد الاستصحابي لا بد أن يكون بلحاظ الأثر الشرعي، ومع حكم العقل بعدم الحرج في كل من الفعل و الترك لا يبقى أثر عملي لنفي كل واحد من المحتملين بالأصل.
أقول: أما الاشكال الأول فتماميته موقوفة على كون مفاد دليل الاستصحاب جعل المحرز التعبدي كما هو الحال في التعبد بخبر الثقة بناء على تتميم الكشف، إذ حينئذ لا يجتمع إحرازان تعبديان مع العلم بانقلاب الحالة السابقة في أحدهما، وعلى هذا بنينا على عدم جريانه في الدوران بين المحذورين كما تقدم في بحث الموافقة الالتزامية. الا أنه ممنوع، ضرورة أن مفاد قوله عليه السلام: (لا تنقض اليقين بالشك) أو (لا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك) ليس البناء القلبي على بقاء المتيقن والموافقة الالتزامية له حتى يتوجه ما ذكر من منافاة الابقاءين التعبديين للعلم بالخلاف، بل مفاده البناء العملي على بقاء المتيقن، وعدم الالتفات إلى الشك وإعدامه في وعاء التشريع، ومن المعلوم أن التعبد ببقاء