منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٥٧٨
الوظيفة ولو ظاهرا، ومع العلم بالتكليف الظاهري ترتفع الحيرة كما لو حكم بترجيح جانب الحرمة في المقام، فإنه لا ريب في عدم حكمه بالتخيير ولزوم مراعاة ما قرره الشارع. وبناء على جريان قاعدة الحل في مورد الدوران بين المحذورين قد وصل النافي لفعلية التكليف بلسان جعل الأصل وتثبت الإباحة الظاهرية. ولو أريد بالتخيير التكويني منه كان صحيحا في حد نفسه، الا أنه غير مانع من التعبد بالإباحة الظاهرية.
وأما الاشكال الثالث، ففيه: أن الظاهر كون الغاية عقلية لا تعبدية جعلية، فكل ما يكون منجزا للواقع ورافعا لمعذرية الجهل به عقلا هو الرافع للحلية المغياة.
ولعل هذا مختار المصنف لو لم يكن ظاهر كلامه في حاشية الرسائل فإنه (قده) - بعد أن أجاب عن المناقضة بين صدر بعض أخبار الاستصحاب وذيله بأنه قضية عقلية محضة ليس فيها إعمال تعبد شرعي حتى يدعى ظهوره الاطلاقي في كل من العلم التفصيلي و الاجمالي بالانتقاض - حكم بذلك في هذه الرواية ورواية أخرى، وقال: (وهكذا يمكن أن يكون حال الغاية في الروايتين بأن يكون غاية عقلية من دون أن يكون حكم شرعي في جانبها، فلا يمنع عن شمول المغيا بإطلاقه ما يصح أن يعمه، فتأمل فإنه دقيق).
وعليه فلا قصور في الصدر عن إثبات الحلية في المقام، إذ المفروض أن الغاية المجعولة هي العلم بخصوص الحرام، ومن المعلوم أن العلم بالالزام الدائر بين الوجوب والحرمة ليس علما بخصوص الحرام.