منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٥٧٤
للمقام، وحاصله بتوضيح منا: أن الغاية وهي (حتى تعلم) اما أن تكون شرعية، وهو حصول العلم للمكلف سواء كان مؤثرا في وجوب الموافقة وحرمة المخالفة أم لا، واما أن تكون عقلية بمعنى المنجز أي ما يؤثر في حرمة المخالفة ووجوب الموافقة القطعيتين. و الاستدلال بالحديث على حلية ما دار أمره بين المحذورين منوط بجعل الغاية عقلية ليكون المعنى: (كل شئ لك حلال ما لم يقم منجز عليه) وحيث لم يكن العلم بالالزام منجزا، لعدم تأثيره في المخالفة والموافقة القطعيتين، لعدم القدرة عليهما، فالمغيا وهو الحلية باق على حاله، إذ لا أثر لهذا العلم في رفعه. وأما إذا كانت الغاية شرعية، فالغاية محققة، للعلم الاجمالي بالحرمة أو الوجوب، ولازمه ارتفاع المغيا أعني حلية المشكوك ظاهرا، ولا يصح الاستدلال بالحديث هنا.
بل لا يصح حتى مع جعل الغاية عقلية، لان ظاهر أدلة البراءة الشرعية بيان معذرية الجهل بالحكم الواقعي، لا معذورية غير القادر على الامتثال، ومن المعلوم أنه لا قصور في العلم الاجمالي هنا، بل هو مطلقا قابل للتأثير، وانما المانع عدم التمكن من الامتثال المعتبر عقلا في استحقاق العقاب على تركه، وحيث إن العجز عن الإطاعة القطعية غير مستند إلى الجهل، بل إلى عدم القدرة عليها، فلا سبيل لاثبات الترخيص بأدلة البراءة، إذ ليست المعذورية هنا لأجل عدم حصول الغاية.
الرابع: ما في حاشية الفقيه الهمداني على الرسائل من: (أنه لا معنى للرجوع إلى أصل الإباحة في مثل المقام مما لا يترتب عليه أثر عملي، إذ لا معنى