منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٥٢٦
على خلافه، ومعها لا مجال للاستكشاف المذكور، واحتفاف الكلام بالفاء ظاهر في كون العمل متفرعا على البلوغ، والعمل المنبعث عن رجاء إدراك الثواب هو الانقياد الممتنع تعلق الامر المولوي به والمترتب على نفسه الثواب، ولا موجب لرفع اليد عن هذا الظهور، و معه لا مجال لاستكشاف الامر المولوي بنفس العمل والالتزام بترتب الثواب عليه حتى يكون وزانه وزان (من سرح لحيته) فاستظهار استحباب نفس العمل من مثل (من سرح لحيته) في محله، إذ لا مانع منه، بخلاف ما نحن فيه، لوجوده فيه وهو ظهور الفاء فيما عرفت.
ومنع دلالة الفاء على التأثير والسببية كما في رسالة شيخنا الأنصاري (قده) بما لفظه: (بل هي عاطفة على نحو قوله: من سمع الاذان فبادر إلى المسجد كان له كذا) خلاف الاصطلاح، لعدم التقابل بين السببية والعطف، بل العاطفة تارة تكون للسببية وأخرى لغيرها، ففي حرف الفاء من كتاب مغني اللبيب:
(الفاء على ثلاثة أوجه: الأول: أن تكون عاطفة، وتفيد ثلاثة أمور. إلى أن قال: الامر الثالث السببية، وذلك غالب في العاطفة جملة أو صفة، فالأول نحو فوكزه موسى فقضى عليه، ونحو فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه، والثاني نحو لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون) فالعاطفية لا تمنع عن السببية والتأثير، بل الغالب عليها في عطف الجملة على مثلها كما تقدم في عبارة المغني هو السببية، فإرادة غيرها من الفاء خلاف الغلبة ومنوطة بالقرينة.
وبالجملة: فجملتا (فعمله) و (فصنعه) في صحيحة هشام وحسنته لم تستعملا في الانشاء حتى يستفاد منهما حجية الخبر الضعيف في المستحبات كما نسب إلى