منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٥ - الصفحة ٢٩٥
وقال الشيخ في الفصل الذي عقده للبحث عن أن الأشياء هل هي على الحظر أو الإباحة ما لفظه: (وذهب كثير من الناس إلى أنها على الوقف ويجوز كل واحد من الامرين فيه وينتظر ورود السمع بواحد منهما، وهذا المذهب كان ينصره شيخنا أبو عبد الله رحمه الله، و هو الذي يقوى في نفسي. والذي يدل على ذلك: أنه قد ثبت في العقول أن الاقدام على ما لا يأمن المكلف كونه قبيحا مثل اقدامه على ما يعلم قبحه. إلى أن قال بعد ذكر أدلة القائلين بالحظر والإباحة: و استدلوا أيضا بقوله تعالى: قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق، وأحل لكم الطيبات وما شاكل ذلك من الآيات، و هذه الطريقة مبنية على السمع، ونحن لا نمتنع أن يدل دليل من السمع على أن الأشياء على الإباحة بعد أن كانت على الوقف، بل عندنا الامر على ذلك، وإليه نذهب، وعلى هذا سقط المعارضة بالآيات) ومن المعلوم أن المقصود من (الطيب) هو المباح الواقعي، ولا ربط له بالإباحة الظاهرية التي هي محل النزاع.
هذا مضافا إلى منع دلالة كلام الشيخ على الاجماع على الإباحة، لمعارضته لما ذكره في موضع آخر من العدة في أن الأصل في الحيوان الحرمة وفي غيره الإباحة، من ابتنائه على القول بأصالة الإباحة، قال:
(وأما بناء على كون الأشياء على الحظر والمنع، فالجميع يحرم) و هذا ظاهر في اختلاف الأصحاب في عصر الشيخ وقبله في المسألة فكيف ينسب إليه الاجماع على البراءة.
وأما كلام ثقة الاسلام في ديباجة الكافي، فالظاهر أنه أجنبي عن البراءة فيما لا نص فيه، فإنه في الخبرين المتعارضين حكم بالتخيير، لوجود الحجة عليه بقوله