العلماء " وورد " يحرم إكرام الفساق من العلماء " وورد أيضا " يستحب إكرام العلماء العدول " فان كلا من دليل الحرمة والاستحباب وإن كان أخص مطلقا من دليل الإيجاب، إلا أن تقديمهما عليه وتخصيصه بهما يوجب بقائه بلا مورد بناء على عدم الواسطة بين العادل والفاسق، وانتهاء التخصيص إلى المستهجن، بناء على أن من لم يرتكب كبيرة ولم يحصل له ملكة ليس بعادل ولا فاسق، وحينئذ فلا إشكال في أنه ليس بينها جمع عرفي، ولا في أنه يجب الرجوع إلى أخبار العلاج، إلا أن الكلام في أن مقتضاها حينئذ ما هو؟
فنقول: لا إشكال في ما إذا كان العام مرجوحا بالنسبة إلى كلا الخاصين، فإنه يؤخذ حينئذ بالخاصين، ويطرح معهما العام بالمرة، وهكذا الأمر إذا تعادلت الثلاثة واختير بينها الخاصان.
وأما إذا كان العام راجحا فاخذ به أو قدم عليهما تخييرا، ففي الكفاية: أنه لا يطرح من الخصوصات إلا خصوص ما لا يلزم مع طرحه المحذور من التخصيص بغيره، فإن التباين إنما كان بين العام ومجموع الخصوصات، وحينئذ فربما يقع التعارض بين الخصوصات، فيخصص ببعضها ترجيحا أو تخييرا (1). انتهى.
وقرره عليه وتبعه كثير من المشايخ، كصاحب الدرر، والمحقق العراقي، والمحقق صاحب نهاية الدراية في تعليقته المباركة وبعض أعاظم العصر على ما في محاضراته مصباح الأصول.
وبينه في مصباح الأصول - على المثال المذكور - بأن التعارض إنما هو بين أحد هذه الثلاثة وبين الآخرين، لأن المعلوم إنما هو كذب أحدها لا غير، فبعد الأخذ بالعام لرجحانه على كلا الخاصين لا وجه لطرحهما معا، لانحصار العلم بكذب أحدهما، فيقع التعارض العرضي بينهما. انتهى " (2).
لكن أورد عليه سيدنا الأستاذ الإمام الراحل (قدس سره): بأن " مجموع الخاصين ليس