في أنه بعد ورود المخصص الأول يكون العام حجة في جميع الأفراد الباقية ما لم يرد المخصص الثاني، في عين أنه ليس حجة في أفراد المخصص الأول فالقول بانقلاب النسبة هنا أولى مما كان الخاص ومعارض العام صادرين في زمان واحد.
الثاني: ما نسبه الشيخ الأعظم (قدس سره) إلى بعض من عاصره من أنه يلاحظ العام المخصص بالإجماع أو العقل بعد تخصيصه بهما مع الخاص الآخر، قال: " ولا أظن يلتزم بذلك فيما إذا كان الخاصان لفظيين ".
ولعل وجه التفصيل أنه إذا كان المخصص مثلهما، فتخصيص العام وخروج موردهما عنه حينئذ قطعي، ولا محالة يكون العام قد استعمل في ما عدا الأفراد المخرجة وأريد به غيرها، والتعارض إنما يلاحظ بين ما استعمل فيه وأريد من العام، لا بين ما وضع لفظه له وبين الدليل الآخر. هذا.
والجواب عنه: أنه إنما يصح فيما إذا كان الدليل على التخصيص حكما بديهيا عقليا يرتكز عليه ذهن العرف، بحيث يوجب انصراف لفظ العام إلى غير موضوعه، وإلا فلو انعقد للعموم والإطلاق ظهور فيهما - كما هو مورد الكلام - وكان التخصيص بهما من قبيل التخصيص بدليل منفصل، فالوجه المذكور غير تام، وذلك أنه حينئذ يكون ما استعمل العام فيه وانعقد ظهوره فيه هو معنى العموم، والتخصيص بالمنفصل لا يوجب ارتفاع ظهوره في العموم، وإنما يوجب ارتفاع حجيته فيه بمقدار قام الدليل والحجة الأقوى على خلافه.
بل قد حققنا في بحث العام والخاص أن التخصيص بالمتصل أيضا لا يوجب تغييرا في المستعمل فيه:
أما في مثل التخصيص بالوصف ونحوه، فلأنه من باب تعدد الدال والمدلول، فلو قيل: " أكرم كل عالم عادل "، فالمستعمل فيه للفظ " عالم " بعينه هو المستعمل فيه فيما قيل: " أكرم كل عالم "، بلا فرق فيه فيهما أصلا، وإنما الفرق أن ذكر وصف " عادل " والهيأة الوصفية أوجب ورود قيد على المعنى المستعمل فيه