وثانيا: أن التوسعة المذكورة في قول أبي عبد الله (عليه السلام) في موثقة سماعة:
" يرجئه حتى يلقى من يخبره فهو في سعة حتى يلقاه " (1). وفي قوله (عليه السلام) في خبر الحارث بن المغيرة: " إذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم فترد إليه " (2) مطلقة مستمرة إلى لقاء القائم بالأمر الذي يخبره بالواقع بعد الرد إليه، وإطلاقها لا يكون إلا إذا كان مخيرا في العمل بكل واحد من الخبرين شاء في كل فرد وواقعة تعرض له، وليس هنا من التعبير بالأخذ عين ولا أثر، فيدلان بوضوح على استمرار التخيير، ويكونان قرينة على إرادة هذا المعنى من الأخبار الاخر بعد وحدة الموضوع والمراد.
وثالثا: أنه قد ذكر سر هذا التخيير في المرسل المروي مرتين في الكافي وفي مكاتبة الحميري وفي معتبر الميثمي وفي خبر فقه الرضا وأنه التسليم لهم (عليهم السلام)، وهو لا يختص بالأخذ البدوي، بل يعمه والأخذ في كل من الوقايع بأي من الخبرين أراد، وذلك أن ظاهر قولهم (عليهم السلام) فيها: " بأيهما أخذت من باب التسليم كان صوابا " أن ملاك كون الأخذ بكل منهما صوابا أن الأخذ به تسليم لهم (عليهم السلام)، ومن الواضح أن هذا المعنى كما يقتضي التخيير في الأخذ بأي منهما شاء في ابتداء الأمر كذلك يقتضيه استمرارا، فهذه الروايات علاوة على ظهورها بنفسها في التخيير الاستمراري تكون قرينة على إرادته من سائر الأخبار أيضا.
ثم إن الأخبار المشتملة على إحدى هذه القرائن الثلاث أخبار ثمانية من العشرة التي قد يستدل بها على التخيير، ويبقى منها خبران آخران:
أحدهما: ما أرسله في الاحتجاج عن الحسن بن الجهم، عن الرضا (عليه السلام) ففيه:
" قلت: يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا نعلم أيهما الحق، قال:
فإذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت " (3).