النيل إليه مع هذا الاختلاف الواقع بين الروايتين فكيف تقولون: " لا يسعنا إلا التسليم " فالتسليم هنا غير ممكن فبأيهما نأخذ؟! وبالجملة: فمورد سؤاله لا يكون إلا ما إذا لم يمكن جمع عرفي بين المتعارضين، وهو واضح.
فالحاصل: أن الإطلاقات منصرفة إلى غير مورد الجمع العرفي، كما قاله الأساتيذ قدس الله أسرارهم.
وأما صحيحة علي بن مهزيار فقد تقدم أن التوسعة المذكورة فيها هي التوسعة الواقعية الموجودة في كل بعث أو زجر غير إلزامي، فإن فرض الاستحباب أو الكراهة فرض البعث أو الزجر بالنسبة للفعل والترخيص في فعله أو تركه، فإذا كان البعث أو الزجر مدلول أحد الخبرين والترخيص مدلول الآخر فلا محالة يكون الإفتاء بالاستحباب أو الكراهة أخذا بهما، وموافقة البعث أو الزجر عملا بإحدى الروايتين والأخذ بالرخصة عملا بالآخر، بل الإتيان به بعنوان الاستحباب أو مع الالتزام بالكراهة كتركه هكذا عمل وأخذ بكلتا الروايتين.
وبالجملة: فهذه سعة واقعية تلزم جميع موارد الاستحباب والكراهة. ولذا قال في خبر الميثمي تعبيرا عنه: " يجب الأخذ بأحدهما، أو بهما جميعا، أو بأيهما شئت وأحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله (صلى الله عليه وآله) " (1). وليس هذه السعة هو التخيير الظاهري في العمل والأخذ بأحد الخبرين اللذين تعارضا وليس بينهما جمع عرفي.
فهذه الصحيحة مثل خبر الميثمي تأكيد على الأخذ بالجمع العرفي في مثل الظاهر في الإلزام والنص في الترخيص.
وأما مكاتبة الحميري فقد عرفت أنها أيضا في مقام بيان التوسعة الواقعية الموجودة في موارد الاستحباب، وأنها أيضا مثل صحيحة ابن مهزيار والميثمي، فتذكر، والله العالم.