إبقاء لا إحداث (1).
ويمكن تقرير عدم شمول حكمه بأنه إذا أخذ بأحد الخبرين فلا محالة يصير مفاده حكما فعليا له، وحيث إن مفاده حكم كلي يعم جميع المصاديق والأزمنة فلا يبقى للخبر الآخر وحكمه مجال أصلا، ولعله يستفاد من بعض عبارات تقريرات بعض الأعاظم (قدس سره) (2).
أقول: لابد في تعيين موضوع حكم التخيير ومعرفة حدود هذا الحكم من التأمل في الأخبار التي استندوا إليها في إثبات هذا الحكم، والتأمل فيها يهدي إلى عدم قصور فيها لشمول الموضوع ولا حكمه بالنسبة لمن أخذ بأحد الخبرين، ولا محالة يكون التخيير استمراريا.
والدليل عليه أولا: أن قول الإمام الصادق (عليه السلام) في صحيحة ابن مهزيار الواردة في ركعتي الفجر في المحمل أو على الأرض: " موسع عليك بأية عملت " (3) يراد منه - ولو بقرينة المورد - سعة الأمر على المكلف في العمل بأي الخبرين شاء، بداهة أنه أريد منها تجويز كلا النحوين له دائما كما لا يخفى، وهكذا قول القائم (عليه السلام) في مكاتبة الحميري: " بأيهما أخذت من باب التسليم كان صوابا " (4) يراد منه تخييره بين التكبير وقول " بحول الله وقوته... " دائما.
وهكذا قول الرضا (عليه السلام) في معتبر الميثمي: " يجب الأخذ بأحدهما أو بهما، أو بأيهما شئت وأحببت موسع ذلك لك من باب التسليم... " (5) لا شبهة في أنه يراد منه تجويز الأخذ بخبر نهي الكراهة، أو بخبر الترخيص دائما. فإذا أريد من هذه الروايات الثلاث التخيير الدائمي علم أنه المراد في سائر الروايات أيضا بقرينة وحدة العبارة والمراد.