زوال الجمعة لم يكن هنا وجوب لصلاتها مثلا، وبعد فعليته يكون لنا حكم فعلي يمتثل أو يعصى.
لكن التحقيق: عدم تقوم النسخ بفعلية الموضوع للحكم المنسوخ، وذلك أنك قد عرفت منا مرارا أنا لا نعقل من كون الحكم إنشائيا محضا إلا أن يجعله من بيده الجعل، ولا يودعه بيد الإجراء، كما إذا جعل مجلس التقنين قانونا للعمل به بعد سنة أو أشهر مثلا، فهذا الحكم انشائي، وفي قباله الحكم الفعلي وهو الحكم الذي بلغ أوان العمل به وأودع بيد الاجراء، فالحكم الذي يكون هو ملاك العمل لو تحقق له موضوع حكم فعلي وإن لم يتحقق له موضوع، إلا أنه حكم كلي قانوني، فإذا تحقق موضوعه يكون فعليا بمعنى لزوم العمل به على من يتعلق الموضوع به، ففعلية الحكم والقانون الكلي لا يتوقف على فعلية مصداق له وإنما يتوقف الحكم الجزئي عليها مثلا، إن من المعروف أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل الإرث على أساس عقد المؤاخاة، فكان حكم الإرث هكذا حكما إسلاميا فعليا إلى زمن بحيث لو كان أحد آخى غيره يموت لكان يقسم تركته على من آخوه، فهذا هو حكم الإسلام وقانونه، وبعد مضي مدة قد نسخ بقوله تعالى: * (يوصيكم الله في أولادكم...) * الآيات، فنسخه لا يتوقف على أن كان قد مات أحد قبله وأعطيت تركته إخوته بالمعاقدة، بل مجرد كون الإرث بالمؤاخاة ملاكا للعمل بين المسلمين - لو تحقق موضوعه - كاف في صحة النسخ، وهو أمر واضح يكفي للتصديق به تصوره. وقد صرح بما ذكرناه واختاره بعض المحققين في تعليقته على فوائد الأصول.
ثانيهما: أن المشهور أيضا أنه يشترط التخصيص بأن يكون الخاص واردا قبل حضور وقت العمل بالعام في مورد الخاص، وعللوه بأنه لولاه لتأخر بيان المراد الواقعي عن وقت الحاجة إلى العمل به، وتأخير البيان عن وقت العمل قبيح لا يصدر عمن لا يفعل القبيح.
لكنه أيضا ممنوع - كما بينه الشيخ الأعظم (قدس سره) في الفرائد -، وذلك أنه كما