لتفصيل مقاله إلى فرائده.
أقول: إن الأصدقية والصفات الثلاث الاخر المذكورة في المقبولة قد عرفت أنها من مرجحات الحاكم، ولا دليل على سريانها إلى الرواية، والأوثقية إنما ذكرت في المرفوعة التي لا اعتبار بسندها. مضافا إلى أنه قد ذكرت معها صفات اخر لا تأثير لها في قرب متن الرواية - بما أنها رواية - من الواقع صدورا أو جهة.
والاستدلال لأن الملاك في الترجيح بالمزية مطلقا بأن الراوي قد فهم هذا المعنى منه، بدليل عدم تعرضه في السؤال لصورة تزاحم الصفات الأربع يدفعه:
أنه لا دليل فيه:
أما أولا: فلأن من المحتمل غفلته عن سائر الصور وانصراف ذهنه إلى صورة التساوي من حيث الصفات المذكورة الذي هو المراد له بسؤاله.
وثانيا: أنه لو كان الأمر كما أفيد لما احتاج الراوي إلى السؤال عن سائر الصور بالمرة، إذ المفروض أنه قد فهم أن الملاك للترجيح مطلق المزية. سواء كانت صفة الراوي أو الرواية، كالشهرة وموافقة الكتاب ومخالفة العامة أو أكثرهم.
وأما الشهرة فقد عرفت أن المرجح في المقبولة هو الإجماع على الحديث، والإجماع على نقل رواية وشذوذ معارضها والإعراض عنه طريق عرفي لصحتها وعدم الريب مطلقا فيها، ولذلك فقد أكده الإمام (عليه السلام) بتثليث من نفسه، أكده بالتثليث الذي نقله عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحمل قوله (عليه السلام) " فإن المجمع عليه لا ريب فيه " على الريب النسبي خلاف الظاهر جدا ولا داعي عليه.
وأما موافقة العامة فهي بنفسها وإن يسلم أنها أمارة التقية، لصدور أخبار كثيرة موافقة لهم يفتى بها إذا لم يكن لها معارض، وأما إذا كان لنا خبران متعارضان رواهما الثقات، وكان أحدهما موافقا لهم والآخر مخالفا، فحمل الموافق على التقية والمخالف على بيان الحكم الواقعي ليس بذلك البعيد، بل ادعى المحقق الخراساني (قدس سره) أنه حمل عرفي، ولا يجري حينئذ أصالة الجهة في الخبر الموافق، ونحن وإن لم نعترف به إذا خلينا وطبعنا إلا أنه بعد ورود الحديث