وقال في الكفاية: (إن النسبة بينه وبين الأصول العملية هي بعينها النسبة بين الأمارة وبينه، فيقدم عليها، ولا مورد معه لها، للزوم محذور التخصيص إلا بوجه دائر في العكس، وعدم محذور فيه أصلا هذا في النقلية منها).
أقول أولا: إن الاستدلال للورود بقوله: " للزوم محذور... الخ ". من قبيل الاستدلال باللازم الأعم لإثبات الملزوم الأخص، فإن تقدم الاستصحاب لو كان من باب الحكومة - كما هو كذلك على ما عرفت - لجرى فيه هذا الاستدلال أيضا، فإنه بعد ما كان دليله بلسان الحكومة فالأخذ به وتقديمه لا محذور فيه أصلا، والأخذ بدليل أصالة الحل حينئذ لا يجوز إلا إذا لم يكن عموم دليل الاستصحاب محفوظا، بل كان مخصصا - بالفتح - وتخصيصه لا وجه له أصلا إلا دليل أصالة الحل، فالأخذ بعموم دليل أصالة الحل موقوف على تخصيص دليل الاستصحاب، وهو على الفرض موقوف على عموم دليلها، وهو دور واضح، فيلزم محذور التخصيص بلا وجه، أو على وجه محال. وعليه فلا محيص إلا التمسك في بيان الورود بما في تعليقته على الفرائد من أن موضوع أصالة الحل - مثلا - هو ما لم يعلم حرمته بوجه أصلا، وعموم دليل الاستصحاب يوجب العلم بالحرمة الظاهرية، أعني حرمة نقض اليقين بالشك، وبه يرتفع موضوع أصالة الحل حقيقة، كما لا يخفى.
ثانيا نقول: يرد على ما في التعليقة وجوه عمدتها:
أولا: أن العلم بالحرمة لو كفى من أي وجه وعلى أي عنوان كان فهكذا اليقين بالخلاف أيضا يكفي بأي عنوان كان، وقد صرح به هو (قدس سره) أيضا في مبحث تقدم الأمارات على الاستصحاب، وحينئذ نقول: كما أن الشك فيما كان على يقين منه تمام موضوع الحكم ببقائه فيحصل يقين ببقائه الظاهري، ويحصل غاية أصالة الحل وحديث الرفع، فهكذا عدم العلم بالحرمة تمام الموضوع للحكم بالحلية الظاهرية ورفع الحرمة، فيحصل اليقين بالحلية الظاهرية، ويحصل غاية الاستصحاب ويكون نقض اليقين بالحرمة به من باب نقض اليقين بيقين آخر مثله،