الفراغ مانعة عن أصل جريانه.
مدفوع: بأن شمول قاعدة الفراغ لمثله يمنع عن جريان الاستصحاب من الأول، وإن كان الجاهل يتخيل جريانه، وذلك أن تقدم دليل قاعدة الفراغ على دليل الاستصحاب يقتضي عدم شمول دليله لموارد يعمها دليل القاعدة، فالمورد من أول الأمر خارج عن دليل الاستصحاب.
وربما يقال - كما في تقرير بحث بعض الأعاظم مد ظله - بأن الاستصحاب حال الصلاة لا يجري في الفرع الثاني أيضا، إذ موضوع الاستصحاب هو الشك الفعلي على الفرض، والحكم منوط بفعلية موضوعه حدوثا وبقاء، وعروض الغفلة للمكلف يخرج الشك عن الفعلية، فلا تعمه أدلة الاستصحاب، فالفرعان من واد واحد.
لكنا أشرنا إلى أن فعلية الشك غير الالتفات إلى نفس الشك، وربما كان الشك مخزونا في النفس وهو لا يلتفت إليه، فالشاك في النبوة لا يلزمه الالتفات دائما إلى شكه كما في مورد الموقن والمنكر، وعليه فإذا التفت وحصل له حالة التردد فهو شاك وإن غفل عن الالتفات إلى حالته هذه، فما لم يقم عنده دليل أزال شكه فشكه بالفعل موجود مخزون في نفسه، وإنما الذي ينافي فعليته أن لا يحصل له التفات إلى متعلق الشك أصلا، فإنه ليس له حالة الشك أصلا، لا أنه شاك وشكه مخزون في خزانة نفسه، ولذلك فإذا التفت إلى الحدث بعد الصلاة فشكه حادث بدوا، وكان موردا لقاعدة الفراغ، كما لا يخفى.
ومنه تعرف ما في رسائل سيدنا الأستاذ (قدس سره) حيث منع جريان قاعدة الفراغ، لكون الشك في الحدث مخزونا في خزانة النفس، فراجع.
ثم إن بعض أعاظم المحققين (قدس سرهم) في تعليقة الكفاية بنى جريان قاعدة الفراغ في مفروض الكلام على القول بكونها أصلا موضوعها الشك، كما في مثل قوله (عليه السلام): " إنما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه " وإلا فلو جعلناها من الأمارات الموجبة للظن، أو قلنا بأن موردها احتمال أن يلتفت ويتذكر حين العمل أكثر مما