آخر، وهذا هو الفسخ، وإن أبيت إلا عن أن التحليل العقلائي في مثله أن الوجوب بل الواجب باق كما كان، وإنما يزيد على الواجب أو نقص عنه شئ، وهذا هو المراد بالاستقلال في الجعل نقول: لا ريب في أن شأن هذا الأمر المزيد أو الساقط أنه بعد هذا قد تعلق أمر واحد بسائر الأجزاء معه، أعني: أن الواجب مركب من عشرة أجزاء - مثلا - بعد ما كان مركبا من تسعة فإنه لا معنى للجزئية إلا ذلك.
فهذا التغيير الوارد على الواجب هو الموجب لانتزاع الجزئية عن السورة، وهو المصحح لإطلاق الجزء عليها، وإلا فلو اقتصر على جزئية السورة بلا ورود مثل هذا التغيير لما كانت تصير جزءا أصلا، وهكذا الأمر في الشرط، وفي إسقاط الجزء أو الشرط، كما لا يخفى.
وبالجملة: أنا لا نفهم من الجزء إلا ما يتركب منه ومن غيره الكل، ولا من الشرط إلا ما كان ترتب أثر المشروط موقوفا على وجوده مع خروجه عن الأجزاء المقومة للمركب وعن المؤثر، ولا من السبب إلا ما كان منشأ لترتب الأثر الناشئ عنه، وهذه المفاهيم موجودة في الأمور التكوينية التي ليس فيها من أمر التقنين عين ولا أثر، فلا محالة تكون هناك أمورا انتزاعية، فإذا كانت بنفس هذه المفاهيم تطلق على أجزاء الواجب وشرائطه، وعلى أسباب مسببات مجعولة كانت فيه دلالة واضحة وكشف قطعي عن أنها في جميع الموارد أمور انتزاعية ليست من المجعولات القانونية بشئ أصلا.
نعم، نحن لا نضايق أن يكون كل منها في مقام التعبير عنها مستقلة بدلالة مطابقية حقيقية، كما قد يعبر عنها بتعبير كنائي أو مجازي أو استلزامي، وهكذا الأمر في التكاليف التي هي أمور مجعولة، فمحل الكلام ليس في مقام التعبير والإثبات، وإنما محل الكلام مقام ثبوت هذه الأمور، وأنها أمور انتزاعية عبر عنها بتعبير مطابقي حقيقي أو مجازي أو كنائي، أم لم يعبر عنها أصلا؟ فحقيقة الوجوب أمر اعتباري، وواقع الجزئية مفهوم انتزاعي في أي قالب وأي تعبير كانا.
فمنه تعرف أن هذه الأمور انتزاعية، إلا أنه ليس كل ما عد من الوضعيات