والقصر والإتمام عن هذه القاعدة، وأنه لو جهر مكان الإخفات جهلا وبالعكس، أو أتم مكان القصر كان صلاته ماضية غير محتاجة إلى الإعادة، ولو انكشف له الأمر قبل انقضاء الوقت أيضا، والقول به متعين بعد ورود أدلة معتبرة به وعدم إعراض الأصحاب عنها.
إلا أنه قد يستشكل هذا الحكم تارة من حيث إن ظاهر كلام الأصحاب بل الأخبار: أن المكلف مستحق للعقاب على ترك الواقع، فلا محالة يكون التكليف به منجزا، وحينئذ إن تعلق تكليف آخر بما أتى به أيضا لزم وجوب صلاتين على المكلف، وهو باطل بالضرورة، وإن لم يتعلق به أمر وطلب لزم أن يكون غير الواجب مسقطا له في مثل المقام الذي يكون ترتب الأثر على المأتي به منوطا بالقربة المتوقفة على الطلب، وهو غير متصور.
وأخرى: بأنه كيف يعاقب إذا انكشف الواقع والوقت باق، فإن المكلف حينئذ متهيئ للامتثال، ولا يمنعه عنه إلا قول الشارع عليه بعدم الإيجاب، فكيف لا يوجب الشئ ثم يعاقب على تركه؟
وثالثة: بأن ظاهر الأخبار أن الصلاة المأتي بها بتلك الكيفية تامة الأجزاء والشرائط، وهو ينافي بقاء شرطية الواقع أو جزئيته بالنسبة للجاهل. هذا.
والجواب الصحيح عن الأولين: ما أفاده وشيد أركانه وسد ثغوره صاحب الكفاية (قدس سره)، وعدم النيل لمغزى مراده أوجب أن يستشكله بعض الأعاظم (قدس سره) في تقريرات بحثه، وأرى جواب الكفاية واضحا، كعدم استقامة ما أفاده هذا العظيم، ولا أراه محتاجا إلى البيان، فراجع.
وأما عن الثالث فالجواب عنه: أنه ليس في أخبار الإتمام مكان القصر أو العكس أزيد من قوله (عليه السلام): " فلا إعادة عليه " (1)، أو قوله (عليه السلام): " فليس عليه إعادة " (2). ونفي وجوب الإعادة أعم من كون المأتي به تاما أو ناقصا سقط الواجب به، كما لا يخفى.