عليها بالحديث لا تنافي الحرمة الواقعية، فلا محالة لا تناقض القدر المشترك المعلوم بالإجمال، ولا أحدهما المعلوم تحققه إجمالا، فإنها ترخيص ظاهري، والحكم الظاهري - كرفع المؤاخذة - لا يناقض الحكم الواقعي أصلا، بل كل الملاك لجريان أصالة الحل أو حديث الرفع هو إحراز موضوعه، وقد عرفت وجوده وإحرازه في ما نحن فيه.
ثالثها: أن العلم الإجمالي هنا لا يمكن أن يكون منجزا، فالعقاب مقطوع العدم، والتكليف غير محتمل التنجيز، ومعه فلا موضوع لأصالة البراءة، فإن موردها ما إذا احتمل تنجز التكليف لولا جريانها، وهذا الوجه منقول عن المحقق العراقي والميرزا النائيني (قدس سرهما) فراجع نهاية الأفكار وفوائد الأصول (1).
وفيه أولا: ان موضوع حديث الرفع - مثلا - هو " ما لا يعلم " من الأحكام الإلزامية، فكلما احتمل وجود تكليف فعلي واقعي ولم يعلم به فموضوعه محقق وحكمه جار، غاية الأمر أن يجتمع في مورد واحد جهات متعددة كل منها كاف في المعذرية ورفع العقاب، فالجهل بالتكليف كالعجز عن امتثاله - مثلا - كل منهما سبب تام لحصول العذر للمكلف.
وثانيا: أن غاية بيانهما أن العلم الإجمالي لا يكون هنا سببا لتنجيز المعلوم بالإجمال، وأما أن مجرد احتمال التكليف - ولا سيما احتمال الحرمة أيضا غير منجز - فهو على عهدة مثل حديث الرفع.
وبعبارة أخرى: غاية ما أفاداه بيان أن العلم الإجمالي هنا لا يمنع عن جريان حديث الرفع، فكلامهم مؤيد لجريانه لا مانع عنه.
وثالثا: أن في ما أفاده كل منهما لعدم تنجيز العلم الإجمالي هنا ولإثبات التخيير العقلي وجوها من النظر، لا نتعرض لها روما للاختصار، فراجع وتأمل كلامهما (قدس سرهما).