القطع أصلا، فلا تصل نوبة البحث عن إمكان انعقاد الإطلاق لها وشموله لتنزيل الظن الطريقي المحض منزلة القطع الطريقي المحض، وتنزيل الظن الموضوعي منزلة القطع الموضوعي، والإيراد عليه بأنه جمع بين لحاظين متنافيين في لحاظ واحد، كما في الكفاية وتعليقة الفرائد، وإلا أمكن الذب عنه بأنه إن جعل الموضوع في دليل التنزيل عنوان الظن كان عنوانا واحدا ملحوظا استقلاليا وشاملا للظن الطريقي والموضوعي، فينزل منزلة القطع المطلق الشامل لكلا القسمين، وكون الظن في ما إذا اخذ طريقا ملحوظا آليا لا يمنع عن توجه اللحاظ الاستقلالي إليه، كما لا يخفى.
كما لا تصل نوبة البحث عن إمكان الاستدلال باطلاق دليل تنزيل مؤدى الأمارات منزلة الواقع، وإلا فقد أمكن توجيه هذا الاستدلال بوجهين:
أحدهما: أن يقال: إن دليل التنزيل بإطلاقه يدل على وجوب فرض مؤدى الأمارات بمنزلة الواقع من دون أي فرق بينهما، وحينئذ فيترتب بمقتضى هذا الإطلاق الآثار المترتبة على الواقع على نفس مؤدى الأمارات، ويترتب أيضا الآثار المترتبة على القطع بالواقع على القطع بمؤداها.
وثانيتهما: أن يقال - كما في التعليقة والكفاية - بأن العرف يرى ملازمة بين تنزيل المؤدى منزلة الواقع وبين تنزيل القطع به منزلة القطع بالواقع، فإذا دلت أدلة اعتبار الأمارات بالمطابقة على تنزيل مؤداها منزلة الواقع يفهم منها بالملازمة العرفية أن القطع بالمؤدى أيضا نزل منزلة القطع بالواقع، فيترتب عليها الآثار المترتبة على القطع بالواقع.
وعمدة الإشكال على الوجهين: أنه لا تدل أدلة اعتبار الأمارات على التنزيل أصلا كما عرفت، مضافا إلى ما يرد على ثاني الوجهين من إنكار تلك الملازمة المذكورة.
وأما ما في الكفاية من الإيراد على الوجه الثاني باستلزامه الدور لأن دلالته على تنزيل المؤدى تتوقف على دلالته على تنزيل القطع بالملازمة، ولا دلالة له